حصل في كون الشواهد والمصدقات تحقق العلم خلاف. ووفق المقدمات العقلائية العرفية والوجدانية و الشرعية فانه لا وجه لهذا الخلاف.
فخروج الخبر من الظن باشواهد والمصدقات وجداني وعرفي اي فطري وعقلائي. وسبب الشبهة الخلط بين مجال الخطاب و بين مجال التجريد والفلسفة ، فالخبر بين المتخاطبين يورث الظن بالصدق بينما في مجال التجريد فالخبر يحتمل الصدق والكذب.و هذا فرق كبير بينهما لان الظن يختلف كليا عن الاحتمال وهذا ايضا مما حصل خلط هنا بين عالم الخطاب وعالم الفلسفة والتجريد. فالخبر بين المتخاطبين الاصل فيه الظن بالصدق وبالشواهد والمصدقات يصبح علما. ويصبح حقا. ومع عدم الشواهد يبقى ظنا ويكون باطلا ومع الشواهد على كذبه يصبح ظنا بالكذب او يعلم اطمئنانا او تصديقا انه كذب.
والشبهة التي حصلت عند من منع ورد العرض و التصديق وكذبت اخباره وقيل بمخالفته للقران هو الخلط بين العلم النفسي الاصلي القطعي و العلم الغيري التبعي الاطمئناني ، والعرض هو للثاني وليس للاول فالاول حجة وعلم وحق بنفسه لا يحتاج الى عرض، و القران امر باتباع السنة وهي الحق و الصدق و العلم و الخبر المعلوم صدوره و ليس الحديث الظني، ومن يقول ان السنة هي الحديث الظني هو من خالف القران.
الشاهد والمصدق من المعارف القرانية والسنية الثابتة يمثل الاتصال المعرفي ومع الظن بالصدور تكتمل شروط العلم الاطمئناني، فالحق و العلم هو الصدور و الصدر قائمن على ركنين ركن نقلي و ركن معرفي وكل منهما يكمل الاخر فيتحقق الاتصال الموجب للعلم بالصدور، وان الركني المعرفي مع عدم القطع بالسماع اهم بكثير من الركن النقلي الا انه من دون ركن نقلي لا يمكن القول بالحق والصدق لذلك لا بد ان يكون النقل جاريا وفق الطريقة العرفية و العقلائية بالنقل، و من يدعي غير ذلك فهو يدعي معجزة ولا بد للمعجزة من دلالئل.
واننا نرى في وجداننا انه حينما ياتي انسان او مخبر يخبر عن شيء فالاصل في ذلك هو الظن بصدقه لا الظن بكذبه، و البعض ساوى بين الظن و الاحتمال، وهذا من اقحام العلوم الاختصاصية الدقيقة في الخطاب و الكلام، فالخبر خطابيا ليس ما يحتمل الصدق والكذب، بل الخبر بين المتخاطبين يورث الظن بالصدق، و انما يصار الى الظن بالكذب بقرائن. فالاصل في الخبر تخاطبيا انه ظن بالصدق لذلك ان كانت هناك قرينة وشاهد له تقوى ذلك الظن وصار علما ، وان لم تكن قرينة بقي ظنا ولا يصبح ظنا بالكذب، و ان وجد شاهد خلافه ضعف الظن بصدقه فيصبح ظنا بكذبه. ان الظن بالصدق و الظن بالكذب نقيضان لا يجتمعان في عالم التخاطب والكلام وهما بخلاف احتمال الكذب و احتمال الصدق فهما ليسا نقيضان فيه. فالظن غير الاحتمال ومما ادى الى الخلط هو اقحام علوم اخرى في عملية الخطاب و التفاهم.
هذا وان اصالة الظن بصدق الخبر عرفا صدقتها اصالة تصديق المسلم شرعا من باب الولاية فكان عدم تكذيب المسام مقدم لاجل الولاية وهذا مصدق جدا وهذا لا يعني جعل خبره الظني علما وصدقا فالشرع لم يخالف اصول العقلاء هنا. وجاءت روايات ظاهرها قبول خبؤره مطلقا وحرمة رد خبره وهذا متشابه قطعا مخالف للمعارف الثابتة وتحمل على ما بينت من انه من باب الولاية والاخوة وعدم التكذيب وحسن الظن به وليس الحكم بكونه علما وحقا ودينا. و الدين ليس روايات بل الدين هو علم وعلم بالروايات.