المؤمن بارتكازاته المعرفية التي يرد اليها الفهم
لا يفهم النص بشكل خاطئ ولا يكذب في فهمه ما دام معتمدا الطريقة العرفية العقلائية
العامية للفهم. ففهم العامي الذي يقع ضمن ذلك النظام التوافقي المتناسق وضمن طريقة
العامة العقلائية في الفهم هو فهم صحيح معتبر حجة في الشرع. واذا حصل توهم وخطا في
الفهم فهو ناتج عن احد امرين؛ الاول اعتماد غير ما هو عامي في اثبات النقل وثانيا اعتماد
غير ما هو عامي في الفهم. فاحيانا البعض يتبع طريقة غير عرفية وغير عقلائية وغير
عامية في اثبات النقل، فيعطي حجة نقلية لما لا يتصف بذلك ومن امثلة ذلك هو اعطاء
حجة للظن النقي وهذا من الغرائب التي يخالف فيها طريقة العرف والعقلاء والعامة في
النقل، فان العامة لا يعتمدون الا على العلم ولا يقرون بالنقل الظني فاعتماد الظن
في النقل امر مخالف لعامية المعرفة، واهم اشكال الظن النقلي هو اعتماد الخبر الذي
لا يفيد العلم بحجة صحة سنده، ومن المعلوم بل المقطوع به ان صحة السند ليست العامل
الذي يجعل الظن علما ولا هو القرينة الحقيقية في قبول الخبر عرفا، فالعامة العرفية
العقلائية تقبل خبر المجهول ان كان عليه دلائل وتقبل الخبر مطلقا ان حقق اتصالا
معرفيا بشواهد ومصدقات وهذا القبول لانه حقق العلم العامي، و العامة العقلائية لا
تقبل الخبر الذي تضعفه الدلائل وتعارضه وان كان ناقله اوثق الثقات. واما بخصوص الفهم فان العامة العقلاء مفطورون
على حقيقة الواقع المتناسق المتجانس المتوافق فلا يقبلون اية معرفة مختلة، لذلك
فالظاهر من الكلام وما يفهم من الكلام عند العامة محل توقف وظن وشك الا ان يكون
متوافقا ومتناسقا و متصلا بغيره من معارف بالنظرة والفهم العامي العقلائي وكل فهم
خلاف ذلك يسمونه ليا لعنق النص وتحريفا للفهم ولذلك مهما كانت المقدمات الاصطلاحية
موسعة ومدققة اذا خالفت في الفهم طريقة العامة فانها تسقط. كما ان ظاهر النص مهما
كان واضحا ومهما كان نقل نصه قويا حتى لو بلغ القطع فان العامة لا تقر بذلك الظاهر
الا اذا وافق باقي المعارف حتى ان العامة تجوز توجيه النص توجيها يوافق المعارف
الثابتة وان خالف ظاهر النص ويسمون النص متشابها وان كان قطعي الصدور. فالعامل
الاهم والاول بل والاخير في معارف صحيحة هو اعتماد طريقة العامة في النقل والفهم.
ولو ان الناس اعتمدوا الفطرة العامية في التعامل مع النصوص فانه لن يحصل اختلاف
فضلا عن خطئ، لانهم سيعتمدون الارتكاز المعرفي العامي وهذا اهم عامل لعصمة المعارف
الاصلية وسيعتمدون التفريع النوعي العامي الصادق وهذا اهم عامل عصمة المعرفة
الفرعية.