الاثنين، 16 مارس 2020

الحكم العقلي والشرع



ان حاكمية العقل على الشريعة واضح فكل نقل ينسب الى الشريعة يخالف العقل لا يقبل وكل فهم لنص مخالف للعقل لا يقبل وكل تفريع من أصل نصي ينبغي ان يكون بقوانين العقل السليمة أي العقلاء، فالدين حقيقة كامل بالقران والسنة بتفريع العقل ما لا نص فيه من النص. لكن الكل يعرف الصغير والكبير المواطن التي يمكن للعقل ان يحكم فيها بأصوله وقواعده العامة والمواطن التي لا يمكن للعقل ان يحكم فيها، لان الحكم الشرعي علاقة، والعقل له قدرة ان يحكم ويفرع وليس ان يبدع ويكون، وكل علاقة في الوجود لها وجهان وجه عقلي عام ووجه تكويني خاص، فالعلاقة لا بد ان تكون عقلية الان ان العلاقة الخاصة التكوينية ليس للعقل دخل فيها بل لا يمكن للعقل ان يتدخل فيها. فكل علاقة بين شيئين في الوجود سواء كانت علاقة مادية او ذهنية، خارجية او اعتباري، عامة او خاصة؛ كلية ام جزئية، قانونية ام تطبيقية فيها جانب حكمي عقلي عام وجانب نظام تكويني خاص، فالجانب العام يمكن للعقل ان يتوصل اليه بل التوصل اليه بالعقل حتمي اما الجانب الخاص فغير ممكن. ولو اننا استعملنا الكلمات الوجدانية العرفية المناسبة لزال كثير من التشويش. فالمعارف العقلية هي احكام ادراكية فهي معارف وادراكات وجدانية واما الحكم الشرعي وكل حكم قانوني فهي احكام تشريعية، والفرق بين الحكم الادراكي والحكم التشريعي ان التشريع يوجد العلاقة و الادراكك يدركها ولا يوجدها. وهنا الفرق فالحكم التشريعي هو ايجاد علاقة والعقل ليس من قدرته ايجاد علاقة. وبعبارة مختصرة كل علاقة معرفية لها وجهان وجه وجداني العقل يحكم فيه ووجه تكويني ليس للعقل ان يحكم فيه. ومن هنا فكل علاقة في الوجود لا يمكن الا ان تتصف بانها عقلية وفي الوقت نفسه لا يمكن الا ان تكون غير عقلية، لان العقل لا يبتكر ولا يخلق ولا يبدع وانما يحكم ويفصل ويفرع، بمعنى ان العقل ليس له استقلالية في التكوين وانما له استقلالية بالحكم. والعلاقات دوما فيها وجهان حكمي وتكويني، والحكم الشرعي هو علاقة والعلاقة لها جانب وجداني وجانب تكويني، فالجانب التكويني هو الحكم الشرعي والجنب ال الوجداني هو الحكم العقلي. فالعقل يمكن ان يحكم على العلاقة المخالفة للعقل بانها ليست شرعا لان الشرع متقوم بالعقلانية، لكنه لا يمكن ان يقول لعلاقة عقلية انها حكم شرعي الا بدلائل وعلاقات ايضا سابقة موجدة من قبل الشرع والتي في النهاية تنتهي الى أصل في القران والسنة.