ان العقل مستقل بادراك الاخلاق كما ان العقل لا
يقبل احكما غير اخلاقية، بل لو قلنا ان العقل راجع الى أصل اخلاقي لكان صحيحا، وهذا
ما نراه في وجداننا الانساني، وهذا الكون هو كون اخلاقي نابع من الاخلاق وان
الحكمة الالهي هي اخلاق. ان كثيرا ما يؤكد على الكمالي الالهي في الوجود والقدرة والعلم
و الحكمة الا انه يجب ايضا التأكيد على الكمال الاخلاقي للفعل الالهي، وهذه النقطة
مهمة جدا في الشريعة، لإنها تجعل الاخلاقية مقوم للمعرفة الشريعة فلا تقر معرفة
شرعية الا بصفة اخلاقية، كما انها تنهي أي مناقشة في نسبية الاخلاق واكتسابها بل
هي امر فطري وجداني راسخ تعرف به الاشياء وليس يعرف بالأشياء.
ان كل متتبع للتشريع والمعارف الدينية عموما يدرك
وبعمق البعد الاخلاقي الذي تقوم عليه الشريعة و العقلانية والاخلاقية المبثوثة في
المعارف الشرعية، فمهما كان الحكم الشرعي جزئيا فانه دوما يتسم بالبعد الاخلاقي،
والدلائل على هذا القول ليس فقط نصية حكمية تنص على اخلاقية الشريعة وانما ايضا
تطبيقية احكامية، فلا تجد معرفة او حكما او ممارسة اسلامية الا وتجدها متسمة
بالاخلاقية بل بالاخلاقية العالية. ان الكمال الاخلاقي من صفات الله تعالى ومن
صفات شرعه. ان ادراك الاصل الاخلاقي للشريعة هو في الحقيقة ادراك للاصل العقلي له
لان العقل هو الاخلاق وجدانا.