لاريب ان الحق دوما موافقا للفطرة والوجدان والعقلانية والواقعية وهذه
صفات منتشرة شائعة في النفوس، كما ان الحق هين لين سهل لطيف جميل حسن وهذه صفات
تميل اليها النفوس وتحبها، فالحق موافق للفطرة، لذلك دائما يتصور ان الشهر والكثرة
والجماعة والضرورة علامات للحق لأجل ان تلك الصفات هي في الجماعة والكثرة فيكون
موافقتها حق. وهذا اهمال لكثير من العوامل المؤثرة على تلك العوامل ومنها بين واضح
لا ينبغي اهماله. فقد تحصيل اسباب تجعل الانسان يرفض الحق منها الجهل والهوى، وأحيانا
المجموعة تميل وتزيغ عن الحق والسبب الجهل والتقليد و الهوى، وقد يقال ان الهوى
شيء فردي و لكن يمكن ان يتحقق هوى مجموعي وهو ما يسمى بالعقل الجمعي يتلاعب بأهواء
الناس وآرائهم.
ان الحق هو الحق وان لم يقل به احد على الظاهر وان اهمله الجميع وليست
الجماعة او المجموعة علامة على الحق ومن اغرب الامور ان تكون الجماعة علامة على
الحق، كما ان الضرورة ليست بنفسها علامة على الحق بل هي اخبار عن النسبة واما انها
علامة على انها فعلا كذلك فليس من قدرتها ذلك لان الضرورة حكم عقلي والحكم العقلي
ليس بمقدوره ان يحدد شرعية النسبة او العقلاء، فحينما تكون هناك ضرورة على كون
القضية المعينة أي الحكم المعين شرعيا، فان ذلك يعني ضرورة نسبته الى الدين، وضرورة
وصفه بانه شرعي، فان كان الواصف هو الدليل الشرعي أي من قران وسنة، فالضرورة حينها
تكون على الدليل بذلك الفهم ومن الواضح ان الدليل أي لفظه يثبت بذلك لان اللفظ
مادة نوعية خارجية لا تتأثر بعامل فردي لكن الفهم يتأثر، ومن هنا حتى الضرورة
النقلية أي الحديثية فإنها لا تعني ضرورية المضمون.
ومن هنا يتبين ان الضرورة بكلا شقيها لا تثبت شرعية المضمون، لإنها ان
كان ضرورة النص بالفهم المعين فان النص يثبت بذلك قطعا الا ان الفهم ليس حجة بل لا
بد من الفهم العقلائي التخاطبي من قبل المطلع نفسه. وان كانت ضرورة وصف القول
بالشرعية من دون نسبته الى نص فهذا يعني انه وصف الجماعة او وصف البعض، أي اننا
نعلم ضرورة ان الجماعة يقولون بذلك او ان بعض الجماعة يقولون يذلك، وكلاهما لا
حجية فيه لان الحجة هي القران والسنة.
فالخلاصة ان الحجة هي القران والسنة وليس الجماعة والاجماع ولا الضرورة
من القران والسنة ولا منتهية اليها، وانتشار عكس ذلك وشهرته ناتج عن التقليد
والركون او عن الجهل الشامل للشبهة .