الجمعة، 20 مارس 2020

الوحدة العيني والاختلاف الجهوي

الوجدان الانساني العقلائي مبني على مرتكزات معرفية راسخة منها توافق المعارف ووحدة الحقائق. فالحقائق مهما كان شكلها واحدة وان حصل اختلاف ظاهر فهو ناتج من اختلاف وجهة النظر. فهناك دوما وحدة حقائقية وان وجد اختلاف فهو جهوي. فالمعارف متحدة بالحقيقة أي بالعينية مختلفة في الجهة، والحقائق تتعدد بتعدد الاشياء والذوات وهذا عقلائي والقول بعدم قبول الاختلاف الشيئي او الذواتي باطل قطعا ولا اعرف من اين اتى للفلسفة. فالوجود كمتكثر بتكثر اشيائه الى اصغر شيء والى ما يعلم وما لا يعلم من اشياء ولا وجود لوجود واحد ، وانما هناك خالق ومخلوق والمخلوق ليس واحد بل مخلوقات كثيرة تتكثر بعدد الاشياء والذوات، والذوات  الخارجي منها والاعتباري حقائق مهما اختلف نوعها وجنسها فالانس ذوات والملائكة ذوات و الجن ذوات و الجمادات ذوات و المياه ذوات وكل قطرة ماء هي ذات وكل جزئية ماء هي ذات وما  كان اصغر من ذلك وما اكبر كلها حقائق متميزة مختلفة ، وهذا ينعكس على عالم المعنى الذي هو مرآة للحقائق. فالاختلاف الشيئي حقيقة الا ان الاختلاف بخصوص الشيء هو الممتنع، وان وجد اختلاف بخصوص شيء فلا بد ان يكون بسبب وجهة النظر اي اختلاف جهوي.
فكل معرفة هي ذات وهذه الذات تدرك بلحاظين اللحاظ العيني واللحاظ الجهوي، ومع انه يمكن ان تتعدد جهات النظر الى الشيء والحقيقة وتختلف صورها الا انه في الحقيقة عينيا وذاتيا هي واحدة وهذا يعني انه مهما اختلفت الاحكام الجهوية فانها ترجع الى وحدة حقائقي ذاتية واحدة  ما يمكن ان نصف الحالة بالوحدة العينية و التعدد الجهوي. ومن المفيد بل الضروري اعطاء الاشياء كلها خارجيها واعتباريها صفة الذاتية والعينية لكي تتبين الجهوية فيها بما في ذلك الاعراض والصفات.
اذن فالمعرفة لا تقبل الاختلاف عقلائيا ووجدانا ، فالاصل ينبغي ان يكون واحدا والاختلاف من الجهات ووجهات النظر، ولو نظر الى جهة كاصل وعين فانها ايضا ينبغي الا تختلف وان اختلفت النظرة اليها. فالحقائق واحدة وانما تختلف باختلاف وجهة النظر اليها. ولا نقد بوجهة النظر اختلاف الناظر بل اختلاف جهة النظر ولو من ناظر واحد، ولو نظر جماعة من جهة نظر واحدة وجب الاتفاق.