الوجدان هو معارف عميقة راسخة ارتكازية في الانسان في تعامله مع الخارج فهما وتحليلا وحكما، وهو نتاج تراكم معارف منتقاة عقليا واخلاقيا لذلك فهو يتميز بالنقاء مهما اختلطت المعطيات الخارجية لانه يتعمد الانتقاء العقلي في المعرفة. لذلك فالوجدان الانساني واحد مهما اختلفت الظروف والبيئات و الثقافات وهذا ظاهر وجدانا و واقعا.
اضافة الى كون الوجدان اداة للتعامل و التمييز وتحليل المعطيات فان فيه صفة مهمة اخرى وهي امكانية الحكم العقلي الاخلاقي على الاشياء واخلاقية الوجدان هذه تمكنه من الحكم وتمييز المعطيات الخاصة بالانظمة المتقومة بالاخلاق.
ان كل ما له تسلط على الانسان وحركته وحريته يشترط العقل فيه والوجدان بعدا اخلاقيا وهذا مطلوب وجدانا وعقلا في جميع المعارف حتى الاحكام الجزئية. وسواء ورد نص خاص ام لا يخصوص وجدانية المعارف الشرعية كليها او جزئيها فان الحكم الوجداني عليها امر واقع . و الوجدان الذي يرجع اليه في الشرع هو ذلك الوجدان الانساني النقي غير المتحيز، وهو معروف وواحد و الاخلال به واضح ليس للاخرين بل للشخص نفسه. وان من اهم عامل ضعف الحكم الوجداني هو التحيز الفكري، والتحيز الفكري لا يخل بالوجدان بل يضعف دوره في حيلاة الانسان، لذلك فان كل انسان مهما كان تفكيره اذا رجع الى وجدانه فانه سيتفق مع غيره، ومن هنا يمكن ان يكون الوجدان عامل وحدة من دون توجيه وتدخل فكري.ومن هذا الوجدان الانساني يمكن تمييز وافراز وجدان جزئي منتمي اليه متصل به هو الوجدان الشرعي. فالعلاقة بين الوجدان الشرعي الوجدان الانساني ليست علاقة تقابل بل علاقة الجزء بالكل فالوجدان الشرعي جزء من الوجدان الانساني.