العلم معرفة واقعية يدركها الانسان بعقله، والعقل ليس له قدرة على
انتاج مثل هذه المعارف الواقعية، فالعلم هو الواقع، وطريقة ادراك الانسان للواقع
بطريقتين متميزتين الاولى هي الادراك المباشر و الثاني هي الادراك غير المباشر،
الادراك غير المباشر هو الخبر ويسمى عادة النقل و الصحيح انه الخبر لان النقل هو
وساطة لنقل الخبر و ليس هو الخبر، فالنقل وسيلة توصيل الخبر والمصدر هو الخبر وهو
الدليل عليها و التمييز بين الخبر و النقل في غاية الاهمية في المعرفة البشرية. و
المصدر الاول والاهم هو الادراك المباشر وهو المعاينة أي الادراك الذي يكون بواسطة
ادوات الادراك البشرية المباشرة سواء ادراكا حسيا او اثريا، وهذا يعني ان ادراك وجود
المؤثر بالاثر هو ادراك معايني اصلي و ليس فرعي. وهذا الادراك الاثري واقع على
الخارج بشكل مباشر من دون فصل وغياب بعض الاطراف عن الحس لا يعني انه ادراك فرعي
فنحن ندرك الروح في الحي و العقل في المفكر وهذه ادراكات اصلية معاينية اثرية. اذن
فمصادر العلم اما خبرية او معاينية و المعاينية تسمى احيانا بالعقلية وهذا خطا
ناتج عن مقابلة النص الشرعي بالعقلي وكله تشوشي وانما هناك معاينة وخبر اي علم
معاينة وعلم خبر ولا دخل للعقل فيهما. وكلا المعاينة و الخبر يمكن ان يخالف الواقع
فيعطي تصورا خاطئا عن الواقع قد يدعى ما هو ليس بعلم علما، وانكشاف لاعلمية أي منهما
سريع وسهل الا ان هناك غايات و اغراض و تدخلات تحجم حرية العقل و قدرته التحليلية،
والا فانه كما ان الواقع المعايني بين فان الواقع الخبري بين، لان الاساس فيهما
واحد وهو المنطقية فكما ان هناك منطقية معاينية فهناك منطقية خبرية، الفرق ان
التلاعب بالمعاينة صعب بينما التلاعب بالخبر ممكن جدا. ولذلك فالمدعي يلجأ الى اعطاء اعتبارات غير
واقعية عن المعايني وهي معارف فرعية انتزاعية و اعطاء اخبار كاذبة، أي الادعاء
المعاني يكون غالبا بتغيير صورته الانتزاعية و الادعاء الخبرية يكون غالبا بالكذب.
تاثير الادعاء الاعتباري يكون بحصول تحيز فكري في التعامل فتحمل الوجودات
والعلامات على غير معانيها فان من احد اهم الابعاد الفكرية للواقع هو المعنى و
الاعتبار. وفي الحقيقة من اهم اسباب التوهم هو المنطقية المدعاة سواء من جهة الخبر
او جهة المعاينة، وهذا ما يقع فيه الاكثر، وعلاج المنطقية الكذابة سواء المعاينية
او الخبرية هو دوام اللجوء و الاحتكام والركون الى الاسس المعلومة قطعا صدقها فان
الرجوع اليها ورد المعارف اليها هو احد اهم اسباب عصمة المعرفة.