ان الفقهاء قبل غيرهم يعلمون ان النص الشرعي نص
عامي وان فهمه ينبغي ان يكون بالفهم العامي وان كل فهم لا يكون عاميا أي لا يكون
وفق طريقة العقلاء وعرفهم هو فهم غير صحيح. واحيانا يرى الفقهاء الحاجة الى تحديد
المفهوم و تصوير الحقيقة تصورا مضبوطا لكي لا تختلط عند الفهم ،فيضعون اصطلاحات
وهذه الاصطلاحات تتسلسل ثم تتسابك الى ان تصل حدا انها تدخل في عملية فهم النص،
ولذلك يتولد شعور ان العامي ليس بمقدرته فهم النص فهما معرفيا وان فهمه يكون فهما
سطحيا لا معرفي وغير معتبر، وهذا من الغرائب. فهنا امران متناقضان الاول الاتفاق
على ان النص و فهمه عامي أي ان بمقدر كل عامي فهم النص فهما صحيحا فالاستنتاج الذي
يؤدي الى خلاف هذه النتيجة واضح خطأه، والثانية ان الاشارة الى فهم عامي تخاطبي لا معرفي غير معتبر ليس له واقع
والصحيح ان الفهم التخاطبي العامي هو فهم معرفي وهو الحقيقة وانما يقصد بالفهم
المعرفي الحقائقي الى ذلك الوصف للمفاهيم والمعارف الذي يدخل فيه الاصطلاح ومن
الواضح ان الاصطلاح معرفة اختصاصية وليس عامية، فالمفاهيم الاصطلاحية لا قيمة لها
ولا عبرة بها في الفهم الشرعي بل ان اعتمادها يتسبب بخطأ الفهم، ومن هنا يبرز تساؤل
في جدوى وشرعية المقدمات الاصطلاحية لفهم النص الشرعي. كما ان الايغال في تخصيص
المعرفة الشرعية او ادراك معارف دقيقة لا تتصل بعالم الخطاب و الفهم هذه الادراكات
اختصاصية بحتة ليس للنص ولا للشرع ولا للعرف ولا للعامة ولا للفه علاقة بها انما
هي ادراكات ومعارف تتسع بسعة الانسانية، فليس كل ما يستفاد من النص الشرعي هو
معرفة شرعية، وانما المعرفة الشرعية هي ما يستفاد من النص الشرعية بطريقة عقلائية
عرفية عامية واضحة وغبر ذلك ليس فهما شرعيا ولا معتبرا.