الخميس، 12 مارس 2020

الخبر الظني باطل وان صح سنده

المقابلة بين العلم وكونه الحق و بين الظن وكونه الباطل واضحة في الشريعة. وكان من البعض خلط في الفهم فتحيروا في الظن فقال ان بعض الظن علم وحق وهذا ما الاعاجيب. واسموه الظن الخاص، وفي الحقيقة الظن لا يدخل في العلم و لا يدخل في الحق.
ان مما يعلمه الكل ان الناس يعلمون بالقطع وغيره من العلم ، والخلط الذي حصل هو المقابلة بين الظن و القطع و في الحقيقة لا مقابلة بين الظن و القطع بل الظن يقابله العلم وهو اعم من القطع ، و القطع يقابلع العلم غير القطعي وهو علم التصديق والاطمئنان.
ان مما نراه في وجداننا و عرفنا و تعاملاتنا ان العلم الذي نسكن اليه و نبني عليه كلامنا وخطاباتنا و حياتنا منه ما هو قطع ومنه ما هو اطمئنان وتصديق، وهذا ليس فيه شيء من الظن.
هذه المقدمة الخاطئة جرت الى مقدمة اخرى وهي مقابلة الخبر القطعي بالخبر الظني وهذا ايضا خطأ اخر فالخبر القطعي يقابله الخبر غير القطعي وان كان يطمان له و الخبر الظني يقابله الخبر المعلوم وان لم يكن قطعا. وعمل الناس بالخبر غير القطعي لانه خبر اطمئناني تصديقي و ليس لانه ظنا. وهل هناك عاقل يعمل بالظن اضافة الى نهي الشريعة عن العمل به.
اذن فالعقلاء يعملون بالخبر المعلوم باي درجة من العلم و لا يعملون بالخبر المنظون باي درجة من الظن، و مجال العلم و الظن متميزتان عندهما ولا يتداخلان واعتمادهما الشرع وجعلهما حجة على الناس.
الاصل في الخبر بين المتخاطبين انه يورث الظن بالصدق، و ليس يحتمل الصدق و لا انه يحتمل الكذب فضلا عن انه يورث الظن بالكذب. للخبر في اصله حالة واحدة هي انه يورث الظن بالصدق، فان كانت هناك قرائن تصدقه صار علما واطمئن له و ان كانت هناك قرائن تكذبه صار كذبا ولم يطمان له وان لم يكن شيء من ذلك بقي ظنا لا يعمل به وهو باطل من جهة العمل عند العقلاء.
وهذا الخبر الذي يعلم انه حق هو حق وان كان سنده ضعيفا. و المتخاطبون يطلبون الحق و الصدق في الصدور، و حينما يصدقون فهم يصدقون الصدور حتما .
وقيل ان صحة السند تجعل الظن بالصدق صدقا مطلقا وان لم يكن له شاهد من القران والسنة و ان ضعف السند تجعل الظن بالصدق احتملا او ظنا بالكذب وان كان له شاهد منهما، وهذا كلام لا يصدقه ولا يدل عليه لا عرف ولا شرع بل ولا عمل المسلمين فتراهم يبروون الاخبار وظاهرهم العمل لها اذ لا عقلائية في انسان يروي ما لا يرى انه حقا وصدقا ولا يعمل به وهذا بعيد جدا عن المؤمن الذي يرى ان رواية الكذب كذب.
واكرر ليس هناك ما اساس لا وجداني ولا عرفي ولا شرعي و لا فطري ولا عقلائي يجعل من صحة السند علامة على صدق الخبر واخارجه من الظن الى العلم. والتفاوت في خبر الثقة وخبر غير الثقة واضح الا انه لا يخرجه من الظن ويدخله في العلم وهذا ظاهر جدا وهناك قرائن كثيرة تقوي الخبر الا انها لا تصلح لان تكون عاملا حاسما منضبطا في اخراج الخبر من الظن الى العلم الا الشاهد والمصدق من المعارف الثابتة كما هو واضح ايضا وهذا هو اساس منهج العرض وتمييز الاخبار على ضوءه.