المعنى هو الانجاز الانساني الاكبر بل هو معجزة البشر
الابداعية والذي لا يخرج عنه خارج يعقل، حتى ما لا يعقل ولا يحاط به، فانه له معنى
ولكنه يسمى المعنى غير المعقول. بل العلم يقصر عن الاحاطة بالأشياء والشيء الوحيد
الذي يحيط بها هو المعنى، ومن السهل جدا ان يعبر بلفظ قصير عن معنى يشمل كل شيء في
الوجود كقوله تعالى (اللَّهُ
خَالِقُ كُلِّ شَيْ) فان هذا اللفظ القصير المتكون من أربع كلمات لا
يوجد شيء في الكون الا هو داخل في حكمه، بمعنى يمكننا ان نكون من هذه الجملة ما هو
غير محدود من العبارات. هذه العملية أي التفريع
ليست بفعل العقل بل بفعل المعنى. وهكذا فانه لا يوجد شيء في الكون الا وله حكم في
القران والسنة بهذا الشكل، أي بوجود معنى أصلي يتفرع منه معان فرعية. والمعنى الاصلي له لفظ ومنهما يتكون النص اللفظي،
وبالأصلية يوصف اللفظ، الا ان الحقيقة ان الاصل هو المعنى. فالمعنى مفردا كان ام مركبا أي اشياء في علاقة،
فان له وجه ذهنيا وخلفية ذهنية، والوجه هو هذا الذي يتصور بالألفاظ وهو الاصل والخلفية
الذهنية هي ما يتفرع من هذا المعنى وهي فروعه. اما المعنى الاصلي فانه يكون حاضرا
محددا ومعبرا عنه بعلامة تعبيرية، واما المعاني الفرعية له فهي لا يجب ان تكون
كذلك الا انها تحضر وتحدد ويعبر عنها بكل سهولة وصدق عند الحاجة.
تلك المعاني الاصلية التي تكون بإفادة النص القرآني
او السني مباشرة هي المعارف الشرعية الاصلية وهو قران وسنة بالمعنى اللفظي (النصي
اللفظي) والمعنوي والمعرفي واما ما يتفرع منها بطريقة عقلائية عادية واضحة فهي
المعارف الشرعية الفرعية وهي قران وسنة بالمعنى المعرفي والمعنوي (النص الدلالي) وليس
بالمعنى اللفظي. وإذا أدركنا ان النص حقيقة هو المعنى، يتبين لنا ان هناك نص هو
معنى اللفظ وهناك نص هو دلالة المعنى او معنى المعنى والاول هو النص اللفظي الاصلي
والثاني هو النص الدلالي الفرعي. فهناك
قران وسنة لفظيان وهناك قران وسنة دلاليان. ويصدقه قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ
أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ
اللَّهِ) وهذا لا يمكن حمله على الفاظ القران والسنة قطعا
وسماه كلمات.