الدين قائم على قبول الحق وعدم قبول الباطل و قد عبر عن الباطل بالظن في مقابلة الحق عرف الحق بانه العلم، فالمقابلة العملية هي بين العلم والظن، فلا دين ولا حق ولا صدق الا بالعلم و لا دين ولا حق ولا صدق في الظن. والعمل بالظن باطل وكذب.
وهذا الامر ليس تخصيصا شرعيا للحق والباطل، و انما هو جار وفق سلوك العقلاء، لكن الابحاث جر الموضوع الى مجال غير مجال الخطاب والوجدان. حيث قابلوا الظن بالقطع وهذا خطأ كبير بل الظزن يقابله العلم و العلم اعم من القطع و الاطمئنان وعرفا ووجدانا اي عقلائيا وفطرة. وقالوا ان الخبر يحتمل الصدق والكذب وهذا خطأ فادح فان الخبر في مجال التخاطب يورث الظن بالصدق. فخلطوا بين احتمال الصدق والظن بالصدق.
فالخبر بين المتخاطبين يورث الظن بالصدق ومع القرينة من شاهد ومصدقا يصبح علما بالصدق، وهذا عقلائي ووجداني جدا ، والشرع جاء وفقه لكن بسبب تلك المقدمات الخاطئة رفض هذا المنهج العقلائي الفطري الوجداني العرفي الشرعي القويم.
وهذا يبين خطور المقدمات وخطور المناهج على المعارف من حيث القبول والرفض لذلك فانا ادركت ان رفع الاختلاف بين المسلمين هو في تصحيح مقدمات الفهم وليس في تصحيح الفهم فقط.
والحق في الشريعة هو ما علم صدوره عن رسول الله صلى الله عليه واله، و الباطل هو ما لا يعلم صدوره عنه وليس ما علم عدم صدوره. كما ان الحق هو الصدور ولا يتدخل فيه شيء اخر كفهم الفاهمين وهذا الذي ايضا احدث ارباكا في التلقي، فصار الحق هو ما صدر عن النبي وقرره العلماء. وهذا لا وجه له لا شرعا ولا عرفا.
ومن الحق - اي العلم بالصدور ما هو قطعي و منه ما ليس قطعيا لكن لبالشواهد والمصدقات يعلم وهذا ما يحققه العرض على القران و السنة.
اما الباطل فهو كل ما لا يعلم بصدوره فهم ما يقطع بعدم صدوره او دلت الشواهد على العلم اطمئنانا بعدم صدوره، او لم يكن هناك شاهد له او مصدق فيبقى ظنا والطن ليس علما ولا حقا.
فالحق علم قطعي بالصدور اوعلم تصديقي اطمئناني به. و الباطل ظن بالصدور او علم بعدم الصدور.
وحصل الخلاف - بسبب المقدمات الخاطئة السابقة- في جهتين الاولى كون الظن بالصدور باطلا و الثاني كون الشواهد والمصدقات تحقق العلم. ووفق المقدمات العقلائية العرفية والوجدانية و الشرعية فانه لا وجه لهذا الخلاف.
فالظن بالصدور لا يصح العمل به، و ان صح سنده فصحة السند ليست قرينة عرفية او شرعية لتجعل الظن علما. والقول ان صحة السند تحقق العلم قول باطلاواضح البطلان.
واما خروج الظني من الظن باشواهد والمصدقات فهو وجداني وعرفي اي فطري وعقلائي. وسبب الشبهة الخلط بين مجال الخطاب و بين مجال التجريد والفلسفة ، فالخبر بين المتخاطبين يورث الظن بالصدق بينما في مجال التجريد فالخبر يحتمل الصدق والكذب.و هذا فرق كبير بينهما لان الظن يختلف كليا عن الاحتمال وايضا حصل خلط هنا بين عالم الخطاب وعالم الفلسفة والتجريد. فالخبر بين المتخاطبين الاصل فيه الظن بالصدق وبالشواهد والمصدقات يصبح علما. ويصبح حقا. ومع عدم الشواهد يبقى ظنا ويكون باطل ومع الشواهد على كذبه يصبح ظنا بالكذب او يعلم اطمئنانا او تصديقا انه كذب.