لا دين
ولا شريعة من دون معارف قرانية او سنية اصلية او فرعية. وهذه المعارف
تحتاج الى اثبات في جهتين جهة النقل (اللفظ) وجهة المضمون (الدلالة) ، وهي تثبت
بالوسائل الذاتية العقلائية العرفية المتكفلة بذلك مع توفر الحد الادنى من
المتطلبات العرفية العقلائية من حيث جمع المعطيات أي اثبات صدور النصوص القرآنية و السنية ومن حيث
تحصيل الدلالات أي اثبات المضامين المعرفية للنصوص الشرعية لان القران والسنة كلام
منقول ولا يمكن تحصيل الاستفادة المعنوية الا بذلك.
اما من جهة النقل فالقران ثبات صدوره واما السنة فإنها
تحتاج الى اثباتها من خلال الحديث، فلا بد من توفر امكانية التمييز بين الحديث
المثبت للسنة وغيره. واما من جهة الدلالة فالقران والسنة جاءت وفق اساليب عربية بيانية
وابداعية ولا بد من الاطلاع على قدر كاف من قواعد العربية في الفهم واساليبها في
التعبير. فالخلاصة لا بد للإنسان ان يكون قادرا على معرفة الحديث المثبت للسنة
وقادرا على فهم القران والسنة فهما صحيحا. من امتلك هذه القدرة وكان مطمئنا من
محصلاتها النصية والمضمونية يكون ممتلكا للقدرة الذاتية لإثبات المعرفة الشرعية بعلم
ويكون قادرا على التفريع من الاصول بعلم. واما مع عدم العلم بالقدرة فان اثباته
سيكون ظنا ولا عبرة بالظن.
ان القول اما ان ينتهي الى النص الشرعي من قران
او سنة فهو تفريع ومعارف معنوية فرعية او لا ينتهي اليها وهو ادعاء، والاول جائزا
قطعا وواجب عند الحاجة الى التفريع، واما الثاني فمنهي عنه قطعا ولا حجية فيه. ولا ريب وجوب العلم في المعرفة سواء انتهت الى
اعتقاد او عمل وهو لا يكون الا بالأخذ بالفهم المستقيم من النص الشرعي وعند عدم توفر
امكانية الاستفادة العرفية الوجدانية المستقيمة لضعف بعض المقدمات سواء من جهة اثبات
الصدور أي النص او اثبات المعنى أي المضمون المنتهي في ذلك الى النص الشرعي فانه
يجوز الاستعانة بمن له امكانية الاثبات المستقيم عند العقلاء في فطرتهم وعرفهم
ووجدانهم. والاخذ من ذلك المثبت ليس اخذا بقوله وانما اخذ بالقران والسنة التي
اثباتها اصولا او فروعا، نصوصا او مضامينا.