قد يقال انه لا بد لنا من النقل في الوصول الى القران والسنة و النقل يقبل الظن والاختلاف، و انه لا بد لنا من فهم القران و السنة والفهم يقبل الظن والاختلاف. وهذا من غريب الكلام وعجيبه.
كلنا يعرف بالوجدان و بالقران و بسيرة العقلاء ان العلم ليس امرا ممتنعا ولو كان ممتنعا لما كلفه العقلاء انفسهم ولا امر به بالقران. ولاجل اننا بعيدون عن زمن النص لا بد من نقل لكن لا يعني هذا تجويز الاختلاف والظن كما انه لا بد من فهم للنص لانه كلام ولا يعني هذا جواز الظن والاخنتلاف في الفهم.
لا بد في الدين و المعارف ان تكون علما ، و علمية المعارف هي ان تكون بقوة القطع والمشاهدة من حيث توافقها وتناسقها و تناسبها. و كما ان الخارج له واقع متوافق فان المعارف ايضا لا تقبل الا التوافق، لا يمكن للنفس البشرية و العقل البشري ان يقبل معارف متناقضة مختلفة ولا يمكنه ان يقر ذلك تحت اي تسويغ، بمعنى انه لا يمكن للشريعة ان تجوز اي اختلاف تحت اي عذر. ومن هنا فلا بد اولا من الاتفاق على وجوب ان تكون المعارف متفقة وان تكون معصومة، و اتفاق المعرفة وعصمتها كفيل باخراج المعرفة من النقل الى العلم وتصبح شهودا وحقيقة و صدقا و ليس نقلا وان وصلت بالنقل. فتحول المعارف من مجال النقل - والغيب- الى مجال العلم والشهود هو شرط المعرفة ايمانيها و عمليها.
يصبح النقل علما وحقا ومعتصما ومعصوما حينما يكون متوافقا متناسقا ومتناسببا يصدق بعضها بعضا موافقا للفطرة والوجدان و عرف العقلاء، وهذا ما يحققه عرض الحديث على القران والسنة ووجدان العقلاء وعرفهم.