المعرفة كما تبين منها ما هو عياني قطعي بالمشاهدة و الحس ومنها ما هو تصديقي ايماني بالايات و الاثار، اما المعرفة العيانية الشهودية فالعلم بها قهري ليس فيه اختيار لذلك لا يقبل فيه الاختلاف مطلقا و لذلك فالاختلاف فيه يرد الى اختلال في الادراك او الكذب فيه، و اما المعرفة التصديقية الغيبية فهذه يمكن الاختلاف فيها لكن الواجب و المفترض ان العلم فيها لا يجوز الاختلاف، فالاختلاف في المعارف التصديقية هو ناتج من اخلال في علميتها، و الالتزام بالعلمية فيها يتلاشى الاختلاف.
ظهور الاختلاف في المعارف التصديقية الغيبية - نقلية او غير نقلية- سببه الاختلاف في الاختيار، لاجل امكان اكثر من طرف للاختيار وهذا بخلاف المعارف العيانية الشهودية فانه ليس هناك الا طرف واحد. وتعدد اطراف الادراك التصديقي الغيبي سبب طبيعة مدراكته فالة ادراك الواقع الشهودي العياني موحدة بشكل فيزياء عند البشر فلا يختلفون اما الة ادراك المعارف الغيبية ففيها عدم توحد لانها من عالم الافكار و الذهن و الفهم وهذه امور تقبل التعدد عند الجماعة المتلقية.
ان ادراكنا بالعالم الخارجي ومعرفتنا به انما هو بادوات ، وادواتنا لادراك الاشياء العيانية الشهودية موحدة لا تقبل التعدد واي اختلاف عن الشائع يعد مرضا و شيئا غير طبيعي، وهذا الشكل من الحسم الادراكي ليس معروفا بخصوص الغيبيات لذلك فان مجال الاختلاف موجود الا انه ليس علميا، لو ان ادوات الادراك الغيبي ضبطت بالعلم لما اختلفت ، لذلك لوان تلك الادوات التي تدرك الغيبي من فكر و فهم و ذهن اتبعت المنهج العلمي لما اختلفت لان العلم لا يختلف، و كما ان للادوات الحسية فيزياء و تقنيات و ميكانزم فان الادوات اللاحسية ايضا لديها فيزياء و تقنيات و ميكانزم ، العلم والواقعية في الادوات الحسية تام وظاهر وقوي ، اما في اللادوات اللاحسية فليس كذلك، و لذلك فيبنما نرى الادراك الحسي واقعي ومعصوم دائما فان الادراك اللاحسي احيانا يكون لاواقعي ولا معصوم. ان ما يجعل الادراك الااحسي الغيبي واقعيا ومعصوما هو العلم اي اتباع الطريقة العلمية فيه.
والعلم في الادراك الغيبي الذي هو كفيل بعصمته وواقعيته دوما يكون بموافقة ما هو عيني وشهودي والذي سيؤدي الى التناسق و عدم التناقض وعدم التعارض و هذا سيؤدي الى قوة المعرفة المحققة للعلم و المخرجة من الظن .ان موافقة الشهودي يؤدي الى التناسق و هذه الموافقة و التناسق تحقق العلم والعلم لا يقبل الاختلاف فيتلاشى الاختلاف.
فالاختلاف في المعارف وهم و ناشيء عن خلل في ادوات الادراك، و كما ان الخلل في ادوات ادراك الواقع الحسي الشهودي تركيبي وظيفي فان الخلل في ادوات ادراك الواقع اللاحسي الغيبي سببه تركيبي وظيفي. لكن تركيب الادوات الحسية مادي بينما تركيب الادوات الاحسية لامادي. ومن هنا يعرف اين يتدخل العامل الفردي وما هو مجاله والذي يسبب الاختلاف و التباين و الانكار.