قد بينا في منسابات كثيرة و بشكل مستفيض كيف ان المصدقية - اي ان للحديث المعين شاهد و مصدق من القران و السنة- كيف انها تحقق العلم بكون سنة و انه من حديث رسول الله صلى الله عليه و اله بحسب الشرع و عرف العقلاء .
وهنا سنتحدث عن كيفية تحقيق المصدقية لذلك العلم بحسب فكرة الاستقراء و الاحصاء .
حيث ان الشرع هو نظام له عمود معرفي مركزي و حوله مجموعة منظومات مغعرفية منتتسبة اليه ، و كلما كانت نقاط تلك الانظمة قريبة من المحور و القطب فانها تكون اكثر تمثيلا و احقية فيه، كما ان هذا التجاور المعرفي يعني ترابط مضموني و فكري وهو ما يحقق الاتصال المطلوب للانتساب، و هكذا فكلما كانت المعرفة اقرب من المحور كانت اكثر انتسابا للنظام و اتصالا به و تمثيلا ىله كلما كانت ابعد كانت اقل انتسابا له و اتصالا به و تمثيلا له.
المصدقات و الشاوهد هي التي تحدد موقع المعرفة من المحور و القطب النظامي ، فكلما كثرت الشواهد و المصدقات و قويت و بانت و ظهرت واتضحت كانت تلك المعرفة اقرب الى المحور و القطب ، حتى تصل الى درجة العلم و اليقين بالانتساب للنظام ، و كلما ضعفت تلك الشواهد و المصدقات و قلت كانت تلك المعرفة ابعد عن المحور ، حتى تصل الى عدم الاتصال و الى الظن بالانتساب او العلم بعدم الانتساب مع المخالفة.
ان الرواية مهما كانت قوتها هي مجرد ادعاء النسبة و الاتصال لكن الكاشف الحقيقي بل و المحدد الحقيقي للنسبة و الاتصال بالنظام هو مقدار ما يكون لتلك المعرفة من شواهد و مصدقات فتتلون بلون النظام و تصطبغ بصبغته ، فاحيانا معرفة منقولة بطريق ضعيف لكن شواهدها كثيرة و كبيرة وقوية تجعل انتسابها و اتصالها بالنظام معلوما يقينا ، و احيانا معرفة منقولة بطريق صحيح الا انها ليس لها شواهد و لا مصدقات مما يجعلها مباينة باللون و الصبغة للمعرفة النظامية فلا تحقق العلم بانتسابها و اتصالها بل لو كانت فيها مخالفة معارضة لصبغة النظام فانها ستكون محل ظن بعدم الانتساب او محل علم بعدم الاتصال و الانتساب.
فالرواية مهما كانت قوتها مرشح ظني ابتدائي احتمالي للانتساب والمصدقية هي المميز العلمي والنهائي و الجزمي للانتساب.