ان الناس حينما يتعاملون مع النص الشرعي من اية او رواية فانهم يتجهون الى عملية الفهم و بما هو معروف و معهود من تخاطب و تفهيم دون الالتفات الى جميع ما يبحثه المختصون في هذا المجال من خصائص الالفاظ او الدلالة و المعنى ، و ما يتوصل اليه الانسان العادي البسيط من قهم شائع هو العلم وهو المعلوم من النص، لكن ابتعادنا عن زمن العربية الاصيلة و قلة شياع بعض الاساليب المعروفة و اهمها القرائن النصية و حدود المعنى يجعل احيانا من الواجب الرجوع الى المراجع اللغوية في المعنى او البيان لاجل التوصل الى الفهم لكن هذا لا يصح ان يكون سببا لتعدد الفهم و الاختلاف و خروج الدلالة من العلمية المعهودة الى دلالة ظنية احتمالية بسبب التعدد.
ان وظيفة العلماء ليس تعليمنا كيف نفهم النص او ما هي دلالته و انما وظيفتهم ان يساعدونا في بيان ان النص صحيح من جهة النقل و ان بالصورة المعينة من حيث التركيب واما الفهم و الدلالة فهي وظيفتنا كفاهمين.
ان ما يفهم من النص بحسب قواعد اللغة هو العلم و خلافه الظن، و اذا جاء دليل موسع او مضيق يجب الا يتعارض ذلك مع خطابية و قولية و لغوية النص لان كل معنى له حقل دلالي و مساحة دلالية يمكن للقرينة التحرك فيه و الا سيكون هناك حالة من الانفلات ، كما ان اي حمل لا وجه له بحسب اللغة سواء كان يحسب على التأويل او الفهم الباطني للنص هو من الظن و من عدم الفهم الصحيح بل قد يكون تحريفا لمعنى النص.
من هنا يظهر عدم تمامية القول بان الفهم ظني وان الفهم هو للحقيقة اللغوية بل الواقع ان الفهم علمي و ما يفهم من النص دلالة علمية و ليس ظنا، و ان الفهم يكون باللغة والوجدان و ليس بالحقيقة المعنوية والوضع ، فان نظام اللغوية و التعبير و البيان اوسع من المعنى الوضعي، و الاصل في الكلام هو الفهم الشائع المتعارف المعهود و ليس الوضع و لا الحقيقة . كيف و معظم الناس لا يرجعون الى قاموس و لا يعرفون اصلا ما الوضع و ما المعنى الحقيقي؟ ان الفهم علمي لكنه يكتفي بالمعرفة الاجمالية المحققة للتفاهم و التواصل و المحققة لوظيفة الكلام ونادرا ما تجد الناس يختلفون في الفهم، انما الاختلاف جاء من العلماء و الفقهاء و ليس من النص و لا من الناس لان العلماء و الفقهاء قدموا المصطلحات و الوضع و الحقيقة اللمعنوية على البيان و التبيين و الفهم و التفهيم و بدل ان يقللوا من حالات الاختلاف الممكنة و منع حالات الظن و منع التاويلات و التبطينات تجدهم يضعون تلك العناوين لرسائلهم و كتبهم معطين بذلك تلك الارباكات و التوشويات شرعية لا اساس لها. حتى صار من الغريب اننا لا نختلف في دلالات نصوص تنقل من حضارات قديمة و حديثة، ميتة و حية غابرة ومعاصرة و نختلف فقط في دلالات الايات و الروايات وهما الموصوفان باعلى درجات البيان.