كل كلام له مدلول معرفي ، حينما يستقبله العقل فانه يرده الى ما يعرف من معارف و على قدر التوافق و التناسب يطمان له و الا يكون في حيز النكارة و الشذوذ حتى يجد له تبريرا لتقبله. و النكارة وهي الاستيحاش و الغرابة و الشذوذ امور حقيقية في المعرفة و لا بد ان يلاحظ ان عدمها هو الاصل و الاساس في الخطاب الشرعي ولا بد من التقليل من سلطة التعبد الظني غير المراعي لذلك لانها غير موضوعية و لا علمية وخلاف الدليل، بل دوما لا بد ان تكون المعارف متوافقة و متناسقة و متجانسة. و بالقدر الذي لا يصح احداث معارف من خارج الدليل الشرعي فانه ايضا لا يصح ان ينتقل الدليل الشرعي من مجال التوافق و التناسق و الفطرية و العقلائية الى مجال الغرابة و النكارة و الشذوذ بحجة التعبد و التسليم ، ان هذا ليس تسليما و لا تعبد بل هو خلاف التعبد و التسليم لانه خلاف الاصول و الثوابت بوجوب تناسق و توافق المعارف وان بعضها يصدق بعضا و خلوها من كل اختلاف او غرابة او نكارة معرفية.
ان ما تثبته المعارف القطعية هو اصول المعارف و اليها يرد غيرها ، و محكم القران و متفق السنة هي اصول المعارف الدينية و اليها يرد غيرها من معارف سواء دلالات او نقولات وان ما يقتضيه الاصل التنظيمي و التعاونية لمنظومة المعارف الاسلامية هو التوافق و التنساق و عدم التعارض و الاختلاف و عليه الايات و الروايات المستفيضة بل القطعية صدورا و دلالة.
و من هنا لا بد ان يكون عدم النكارة و عدم الشذوذ عاملا مهما بل وحاسما احيانا في الترجيح الدلالة و النقلي و المعرفي عموما ، و لا ينبغي ان تكون دعوى الاحتياط و عدم الاحاطة مبررا لقبول المعارف التي تتصف بالنكارة و الشذوذ و الغرابة لان الشرع هو نظام عرفي عقلائي و جاء و فق هذه الاسس و الحدود ، بل ان من الاحتياط و الاعتراف بالاحاطة هو عدم تقبل ما فيه نكارة و شذوذ من معارف دينية و نسبتها للدين. فالاحتياط في الدين و الاعتراف بالقصور المعرفي تجاه معارف الدين هو عدم قبول ما فيه نكارة و شذوذ من نقل او اقوال.
ان التسليمية من الدين و من الاحتياط للدين لكنها قد تكون احيانا خلاف الدين و خلاف الاحتياط ان كانت تؤدي الى قبول متساهل للغريب و الشاذ و ما فيه نكارة من معارف. و كما ان هذا ينطبق على النص المنقول فانه ينطبق على الدلالة مع تعددها، فينبغي في مجال قبول النقل او الدلالة او الفهم الاهتمام بان تكون المعارف متوافقة متناسقة يصدق بعضها بعضا خالية من الاختلاف و النكارة و الشذوذ.