السبت، 29 فبراير 2020

المصادر الضيقة و المصادر الواسعة

ان من اهم الاثار السلبية للتمذهب و التمدرس و التطوؤف هو تضيق المصادر فان لكل شيء في الحياة منطقية و حينما يخرج شيء من الاعتبار يكون من غير المنطقية السؤال عنه او اعتماده فتتضيق المصادر، فيكون البحث منحصرا في فئة جزئية من المصادر التي تناولت الموضوع، بل احيانا وهذا ما عاد من جديد في العصور الاخير نجد الباحث لا يناقش الا اقوال استاذه او مجموعة ضيقة جدا من الباحثين وهو عودة الى زمن التمذهب البحثي وهو اكثر شيء يقتل البحث.
ان رأي الباحث او المتابع هو  في الحقيقة نتاج مصادره فكلما كانت المصادر اوسع كان الرأي اكثر سعة واحاطة بالموضوع و كلما قلت المصادر كان الرأي اقل احاطة بالموضوع. و لا توجد منطقية بتحديد مصادر البحث بعد امكانية توصل العقول الى ما لا تتوصل اليه غيرها. ان البحث هو ساحة العقول و حينما يكون الباحث اكثر سعة يكون اقوى في تبين الاقوال المؤدلجة و الاراء المزيفة او الاراءا البعيدة عن حقيقة الامر ، وسوء الظن و حسن الظن لا مجال له هنا لان الابحاث ممارسات عقلية و لها منطقية و ينكشف بسهولة كل تحيز و انحراف عن الموضوعية. فعلى الباحث ان يدرس الرأي المتحيز و المنحرف و يقول انه متحيز و منحرف و اما انه يترك دراسة اراء الاخرين بحجة الكفاية فهذا مخالف للمنطق. 
ان الموضوع لا يحدد طبيعة العقول التي تتناوله ، فليس كل موضوع اسلامي لا يجيد بحثه الا المسلم كما انه ليس كل موضوع غير اسلامي لا يجيد بحثه المسلم، بل ربما نجد لغير المسلم رايا منطقيا وصائبا في شان اسلامي كما اننا نجد لمسلم رايا منطقيا وصائبا بشان غير اسلامي. من هنا على الباحث عن يوسع مصادره و ليعلم الباحث ان الراي نتاج المصادر و كلما توسعت المصادر كان رايه اكثر احاطة بالموضوع و قيمة البحث في احاطته بالموضوع.

الجمعة، 28 فبراير 2020

منطقية الرواية


 الذي يبدو لكل متتبع ان اكثر المتقدمين كانوا يعملون بالحديث الضعيف و كانوا يعتقدون بما يروون فان من غير الجائز عقلا و عرفا و لا شرعا ان يروي الراوي حديثا لا يعتقد صدقه او لا يعتقثد حجيته دون ان يشير الى ذلك، ولذلك فالاصل في كل حديث يرويه راو ولم يعلق عليه انه يعتقد بحجيته.
ما نلاحظه ايضا ان كثير مما راوه المسلمون موافق للقران و السنة وهذا العدد بحسب منهج العرض هو حجة و معتبر، و ان القليل منه هو غير معتبر  وهذا منطقي فيحفظ للرواية منطقيتها، و ظاهر اكثر المتقدمين هو عدم العمل بما يخالف القران و السنة فتراهم يعلقون عليه و يوجهنه و يؤولونه الا نفر قليل مغتر بالسند او بالنقل الذي يعمل بهكذا اخبار رغم مخالفتها القران و السنة بدوعى ان السنة حاكمة على القران وهذا الدعوى صحيحة لكن السنة هي ليست الحديث بل السنة هي العلم و الاحاديث الثابتة المعلومة و ليس الحديث الظني الاحاد. ان الخلط بين السنة و الحديث وخصوصا من قبل اصحاب السند ادى الى نتائج خطير بل وكارثية حتى على مستوى التوحيد عند البعض.
ومن هنا فمنهج العرض هو الكفيل باعتصام المعرفة و بيان منطقية الرواية اي كون اكثر ما روي معتبر وحجة.

الحديث بين السند والمتن

حين نلقي نظر الى الواقع الذي ثبت لدينا من دراسة الحديث فان الاستقراء يشير الى انه لا يصح سند من الاحاديث التي رواها المسلمون الا عشرة بالمئة، بمعنى ان تسعون بالمئة تخرج عن الحجية. و ليس المشكلة في العدد فان الصحيح قد يصل الى عشرة الاف حديث وهذا عدد كبير، لكن المشكلة كيف نطمئن ان هذا هو الحققية وهو الحق وهو الصدق و ليس غيره، واذا كانت هناك اداة اخرى تميز ذلك فانها تكون هي الاولى بالتمييز. كما انه اين المنطقية من رواية هذا الكم الهائل من الاحاديث غير المعتبرة؟
وفد يبرر ذلك بالاستطاعة و بالاطمئنان ، باننا مكلفون بالعمل بالمستطاع و بما نطمئن اليه وهذه الاحاديث هي ما استطعنا من معرفة حجيته و ما نطمئن اليه، و فيه ان الاستطاعة مترتبة على المبنى فلو اختلف المبنى اختلفت الاستطاعة و الاطمئنان هذا مفترض اذ ليس هناك من مساعد عرفي ولا شرعي على ان صحة السند عامل اطمئنان بل صريح البعض انه لا يفيد ذلك كما ان عمل اكثر المتقدمين يدل على عدم تحقيق االاطمئنان بذلك والا لا يكون هناك منطقية و مبرر برواية هذات الكم الهائل من الروايات التي هي خارج العلم وخارج الاطمئنان وخارج الحجية.

الفهم المنعزل والفهم المجتمع


ان المعارف عند الشخص الواحد لا تقبل الاختلاف وهذا من البديهيات، كما ان المعارف في علم الاحاطة وعند الله تعالى لا تختلف ايضا، وهكذا هو الحال عند من يمده الله تعالى بوحي اي بمدد خاص محيط وعلم احاطة و اهمهم الولي من نبي ووصي صلوات الله عليهم.
المعارف التي تصل الناس جلها ان لم تكن كلها هي كلام، وكلام حتى القطعي منه فيه تراكيب قد يتفاوت الناس في قواعد دلالاتها، وهذا ما ادى الى اختلاف المفسرين، فالحق ان الواجب انهم لا يختلفون، لكن لاجل التفاوت اختلفوا.
ان التقصير واضح تجاه اساليب التعبير في النص الشرعي، و قد اتكل الفقهاء كثيرا على الفهم المنقول و ما صدرت من احكام عليه مع عدم اهتمام مناسب في اساليب التعبير. تلك النقولات قد تبلغ عدد يصعب احصاؤه، و انما يعاني المتأخرون من تباين الفهم لاجل تباينهم في معرفة تلك الاساليب.
فالاشكال ليس في المعرفة المحمولة  في النص بل الاشكال في طريقة التعبير عنها، والذي قد يحقق التشابه عند البعض او يحقق التشابه فعلا فلا بد ان يحكم و غالبا ما تجد الفقهاء يهتمون كثيرا بالبعد المعرفي للنص ويقدمونه على البعد اللغوي له حينما يحصل لهم ارباك في الفهم والتوفيق وهذا تام جدا وانجاز يستحقون الشكر عليه ولقد اخطأ كثيرا من اخلد الى لغوية النص مخالفا المعارف الثابتة.
اذن الاختلاف في فهم النص ليس مهما كثيرا اذا لم يؤد الى اختلاف المعارف، بل ان التعبير عن النص ليس ممنوعا ايضا اذا لم يؤد الى اختلاف المعارف.  المهم والمهم جدا ان لا تختلف المعارف وان تكون متوافقة و متناسبة، و كما ان العالم يبني مبان يسير وفقها في جميع تحصيلاته الدلالية فان على العلماء ان يتحركوا ككتلة واحد في الفهم والدلالة، وهذا ما نسميه توحيد منطق العلماء. اي كما ان لكل عالم منطق واحد لا يمكن ان يتعدد ينبغي ان يكون للعلماء منطق واحد غير متعدد ولهذا فالتعدد المدرسي و المنهجي و المذهبي و غيرها كلها ليس لها وجه، بل لا بد من بذل قصارى الجهد لاجل توحيد مباني فهم النص و التي ستؤدي الى توحيد المعارف والاقوال.
و الحقيقة الاهم ان الاختلاف ليس في المعارف والاختلاف فيها غير مبرر ، انما الاختلاف في الفهم و لاجل تجاوزه لا بد من توحيد ادوات الفهم. كما انه من المفيد الانتقال من انزعال الفهم الى اجتماع الفهم بان يجتمع الناظرون الى النص و يتبادلون الاراء انيا وكليا حتى يخرون براي واحد في مجالس محلية او بيتية او دولية حتى نصل الى معارف موحدة سببها وحدة الفهم ومبانيه.

علم الاحاطة وعلم التسخير

لا ريب ان الفقيه - غير الوصي- يعلم و يمد بالعلوم كما ان الوصي يعلم ويمد، لكن الاختلاف ليس في كم العلم و مدة مدده بل الاختلاف في طبيعة العلم و طبيعة المدد. وان عدم التفات البعض الى هذه النقطة ادى الى الالتاباس عندهم.
فمدد الوصي صلوات الله عليه مدد احاطة باثر الوصية والتوفيق الخاص فيمد من الله تعالى المحيط بالاشياء، و علمه الذي يعلمه هو علم الحقائق كما هي في عالم الاحاطة. اما الفقيه فمدده مدد تسخير لاجل ان يستطيع ان يمتثل وهذا المدد اعتمادا على اسباب العلوم المتعارف والتي لا تحقق احاطة لمحدودية ادواته، و العلم الذي يحصل عليه هو علم تسخير لاجل الطاعة و الامتثال و ليس لاجل ان يعرف حقائق الاشياء كما هي. 
ولا يعني هذا ان الولي نبيا او وصيا يحيط علما بالاشياء فان هذا ممتنع على المخلوقين بشرا كانوا  ام غير ذلك، وهو من مختصات الخالق البارئ، لان الله لا يوصف و فعله لا يوصف و خلقه لا يوصف اي لا يدرك ولا يحاط به، و ليس بمقدور مخلوق ان يحيط علما باي مخلوق وانما الولي نبيا كان او وصيا يتعلم علما حقائقيا و مددا محيطا فيعلم بقدر تلك المعرفة ولا سبيل للاحاطة التامة بالشيء من كل جهة لانه ممتنع لاه ذلك لا يدرك.

الأحد، 23 فبراير 2020

بين الخطاب و اللغة

ان نظام التخاطب البشري كفوء جدا و يعتمد القصدية و الوظيفية و التعاون و التعاهد فلا يخل فيه التعابير المعتمدة على المرتكز و المتعاهد بالاشارات التي تتطلب الالتفات الى خصوصية الجهة و القول. ان حقول التخاطب اخص بكثير من حقول اللغة لذلك قد يحصل خطا احيانا حينا يقاس الخطاب باللغة واحيانا يحصل ارباك في الدلالة الخطابية للنص بل احيانا يحصل فقدان للقيمة الدلالية بسبب هكذا ممارسات. لذلك فمقولة اذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال مقولة خاطئة جدا لانها من قياس الخطاب على اللغة. ان استعمال الالفاظ و المعاني في الخطاب اخص بكثير و مساحة الدلالة اضيق بكثير مما في اصل اللغة التي هي المصدر لكنها ليست هي الخطاب، فالعلاقة بين الخطاب و اللغة كالعلاقة بين النهر و منبعه ، فالخطاب هو النهر و اللغة هي المنبع.

السبت، 22 فبراير 2020

أخطر مشاكل المنهج السندي

اضافة الى ما بيناه مرار و تكرارا من ان المنهج السندي لا يساعد عليه دليل واضح وانه لا يصلح لاخراج الحديث من الظن الى العلم و انه بعلم الرجال يكشف عورات و عيوب المسلمين فان :
 ما يحزن القلب ايضا امور
الاول ان اكثر من مئة الف حديث  وصلنا لا يكون حجة منها الا خمسة الاف حديث كما بينت في المقال السابق.
الثاني ان كثيرا من الاحاديث التي حفظتها الصدور و ترددها الالسن في كل مكان لنقائها و نورانيتها و التي لا يشك انه من بيت النور ياتيك احدهم و يقول انها ليست حجة لضعف سندها.
الثالث ان السند يضطر البعض الى العمل او الاعتقاد بمضامين صحيحة السند الا انها مشكلة المتن مخالفة للمعروف من الدين وللوجدان و للفطرة وهذا هو الخطر الاكبر.
هذه الاشكالات كلها لا ترد على منهج المتن و علم العرض الذي لا يرد الا ما خالف القران و السنة و لا يثبت الا ما كان نقيا موافقا لهما متفقا معهما.

الحديث بين نقد السند و نقد المتن

لا ريب في ضرورة تمييز الاحاديث من حيث الصدق و الكذب لانها نقولات و النقل يقبل الصدق و الكذب.
وقد اشير الى النقد السندي للتمييز ومع انه ليس هناك اسس علمية قوية له فان هناك عدة مشاكل عملية فيه فهو اولا غير قادر على اخراج الحديث الظني من الظنية و ثانيا هو غير قادر على منع المضامين التي لا تتوافق مع المعروف من الدين و ثالثا انه يؤدي الى رد الجل الاعظم من الاحاديث.
واما النقد المتني فمع ان الادلة العرفية و العقلائية و الشرعية قائمة عليه، فانه كفوء جدا باخراج الحديث من الظن الى العلم و الاطمئنان، و قادر و بكفاءة عالي على منع المعارف الشاذة لانه قائم على التوافق و المصدقية، و ثالثا انه لا يرد الا نسبة قليلة جدا من الاحاديث.
فمثلا في الباب الاول من كتاب العقل و العلم في بحار الانوار:
عدد احاديث هذا الباب هي ( 53 ) حديثا.
المعتبر سنديا بحسب علم الرجال  منها ( 3 ) اي ما نسبته (5) بالمئة منها فقط هو حجة بحسب المنهج السندي
اما المعتبر متنيا بحسب علم العرض فعدده ( 41  ) اي ما نسبته ( 77 ) بالمئة فهو حجة.
و من خلال خبرتي بالاحاديث فانه هذه النسبة يمكن تعميمها على جميع الابواب ويمكن القول ان
النقد السندي لا يعطي الحجية الا لـ (5 ) من الاحاديث من كل مئة حديث و يبطل (  95) منها، اي ان الالف حديث لا يسلم منها الا خمسون حديثا.
بينما النقد المتني يثبت حجية لما يقرب من (  80) من الاحاديث من كل مئة حديث و لا يبطل الا (20) حديثا.
ان هذه الحقيقة تدعو الى وقفة جادة و الى مراجعة حقيقة.

فلو قلنا ان مجموع ما وصلنا من احاديث هي تقرب من مئة الف حديث ، فانه بحسب منهج السند وعلم الرجال فان الحجة ستكون لخمسة الاف فقط و خمسة و تسعون الف حديث لا يصح العمل بها.
بينما حسب منهج المتن و علم العرض فان ثمانين الف حديث هي حجة، و عشرون الفا لا يصح العمل بها.

البيان العلمي و البيان الظني

الحاجة الى بيان العالم من الضروريات الانسانية و عليها تقرير العرف و الشرع بل و العقل. ولاجل ان البيان التعليمي للعلماء يلحظ فيه المتعلم  ولاجل ان متعلم الشرع هو انسان بسيط بمدارك عامة عادية عرفية، فينبغي ان يكون البيان و ما ينتج عنه من دلالة مبينة  وفق الطريقة العادية العرفية العقلائية في الفهم و الا حصل انقطاع بين فهم العالم و فهم المتعلم و معلوم ان فهم العالم ليس حجة على المتعلم  و انما الحجة على المتعلم فهمه هو، و انما العالم مبين و شارح و مقرب للدلالة العلمية بدلالة تعليمية.
فلا يمكن باي وجه من الوجوه ان تكتسب الدلالة العلمائية اية حجية ذاتية ولا يمكن ان يكون لفهم العالم اي حجية ذاتية و انما يكتسب حجيته من جهتين الاولى ان يكون فهما للنص الشرعي وثانيا ان يكون بالطريقة العرفية العادية العقلائية التي لا يتفاوت فيها اثنان، و انما الفرق هو اطلاع العالم و عدم اطلاع المتعلم. هكذا بيان تعليمي علمائي هو علم وحجة و غيره ظن بل قد يكون كذبا.
فالبيان العلمائي التعليمي ان كان من الدليل الشرعي و بالفهم العادي العرفي فانه بيان علم وهو حجة،  واما اذا كان بفهم خاص غير عام و غير عرفي للدليل الشرعي فانه يكون ظنا واما اذا كان فهما لما هو ليس دليلا فانه يكون كذبا. 
ومن هنا يحسن للعالم ان يرفق بيانه بالدليل ولو مختصرا كما انه يحسن بالمتعلم ان يمتلك ادوات العلم ويكون له فهم مباشر بلا واسطة بيان تعليمي.

الدلالة العلمية و الدلالة التعليمية

ان العلماء قبل غيرهم يعلمون ان اقوالهم ليس فيها حجية بما هي في نفسها وانما تكتسب لونا من الحجية بما هي شرح و بيان للنصوص الشرعية. ولكن لا بد للفقهاء من ان يقولوا و يتكلموا لانه واجب التعليم ذلك ، و من قال ان التعليم هو فقط التعريف بالنص فقد خالف الوجدان و الفطرة و سيرة العقل و الشرع.
حينما يتجه المؤمن الى النص فالدلالة التي يحصل عليها حينها هي دلالة نصية علمية اصلية الحجية، و لكن عند الحاجة قد يحتاج ان يرجعع الى قول عالم والدلالة التي يحصل عليها من العالم هي دلالة بيانية تعليمية فرعية الحجية لانه لا حجية فيها بنفسها وانما يكون لها ذلك بما هي تعليم للحجة، وهذا من الواضحات وجدان وعرفا.
والدلالة البيانية التعليمية لاجل ملاحظة المتعلم فيها والمتعلم في الدين ليس طالب مختص بل المؤمن العادي البسيط، و الذي الحجة في فهمه النوعي العام العادي، و من هنا لا بد ان تكنن الدلالة التعليمية دلالة نوعية عامة عادية عرفية وجدانية عقلائية لا تختلف ابدا عما عند ابسط انسان و لا يختلف عليها اثنان. هذا البيان هو البيان العلمي للنص وهو بلا ريب حجة عرفا وعقلا و شرعا لانه تعليم.

دلالة النص الشرعي العلمية و الظنية

ان الناس حينما يتعاملون مع النص الشرعي من اية او رواية فانهم يتجهون الى عملية الفهم و بما هو معروف و معهود من تخاطب و تفهيم دون الالتفات الى جميع ما يبحثه المختصون في هذا المجال من خصائص الالفاظ او الدلالة و المعنى ، و ما يتوصل اليه الانسان العادي البسيط من قهم شائع هو العلم وهو المعلوم من النص، لكن ابتعادنا عن زمن العربية الاصيلة و قلة شياع بعض الاساليب المعروفة و اهمها القرائن النصية و حدود المعنى يجعل احيانا من الواجب الرجوع الى المراجع اللغوية في المعنى او البيان لاجل التوصل الى الفهم لكن هذا لا يصح ان يكون سببا لتعدد الفهم و الاختلاف و خروج الدلالة من العلمية المعهودة الى دلالة ظنية احتمالية بسبب التعدد.
ان وظيفة العلماء ليس تعليمنا كيف نفهم النص او ما هي دلالته و انما وظيفتهم ان يساعدونا في بيان ان النص صحيح من جهة النقل و ان بالصورة المعينة من حيث التركيب واما الفهم و الدلالة فهي وظيفتنا كفاهمين.
ان ما يفهم من النص بحسب قواعد اللغة هو العلم و خلافه الظن، و اذا جاء دليل موسع او مضيق يجب الا يتعارض ذلك مع خطابية و قولية و لغوية النص لان كل معنى له حقل دلالي و مساحة دلالية يمكن للقرينة التحرك فيه و الا سيكون هناك حالة من الانفلات ، كما ان اي حمل لا وجه له بحسب اللغة سواء كان يحسب على التأويل او الفهم الباطني للنص هو من الظن و من عدم الفهم الصحيح بل قد يكون تحريفا لمعنى النص.
من هنا يظهر عدم تمامية القول بان الفهم ظني وان الفهم هو للحقيقة اللغوية بل الواقع ان الفهم علمي و ما يفهم من النص دلالة علمية و ليس ظنا، و ان الفهم يكون باللغة والوجدان و ليس بالحقيقة المعنوية والوضع ، فان نظام اللغوية و التعبير و البيان اوسع من المعنى الوضعي، و الاصل في الكلام هو الفهم الشائع المتعارف المعهود و ليس الوضع و لا الحقيقة . كيف و معظم الناس لا يرجعون الى قاموس و لا يعرفون اصلا ما الوضع و ما المعنى الحقيقي؟ ان الفهم علمي لكنه يكتفي بالمعرفة الاجمالية المحققة للتفاهم و التواصل و المحققة لوظيفة الكلام ونادرا ما تجد الناس يختلفون في الفهم، انما الاختلاف جاء من العلماء و الفقهاء و ليس من النص و لا من الناس لان العلماء و الفقهاء قدموا المصطلحات و الوضع و الحقيقة اللمعنوية على البيان و التبيين و الفهم و التفهيم و بدل ان يقللوا من حالات الاختلاف الممكنة و منع حالات الظن و منع التاويلات و التبطينات تجدهم يضعون تلك العناوين لرسائلهم و كتبهم معطين بذلك تلك الارباكات و التوشويات شرعية لا اساس لها. حتى صار من الغريب اننا لا نختلف في دلالات نصوص تنقل من حضارات قديمة و حديثة، ميتة و حية غابرة ومعاصرة و نختلف فقط في دلالات الايات و الروايات وهما الموصوفان باعلى درجات البيان.




الخميس، 20 فبراير 2020

عامل الاعتدال و قانون التناسب المعرفي في المعارف الشرعية

بالقدر الذي اشتملت عليه الشريعة من تحذير و تبشير الا انها وفي هذا السياق حافظة على درجة عالية من صدق الاخبار و ان الجزء الثابت لعمل هو حق و حقيقي و لذلك فان حمل بعض النصوص على انها للترغيب او الترهيب وانها من التمثيل و المجاز ليس صحيحا و سببه خلط العلم بالظن.
ان المعارف الشرعية يراعى فيها عامل الاعتدال  المعرفي اي ان الاشياء المتنقاربة لها محولات متقاربة و الاشياء المتباعدة لها محمولات متباعدة و ان كل شيء يسير وفق ما هو عقلائي و طبيعي من حيث التطور و النمو و الشرط و الجزء و الموضوع و المحول مع قدر محفوظ من الاعجاز و المعرفة اللانهائية التي تثبت الربوبية للخالق بما يعجز و يبهر المخلوق. الا ان الاصل العام و خصوصا عند عدم العلم هو اصل الاعتدال و التناسب المعرفي.بمراقبة التناسب في المعارف و الاقتصار على حالات الخروج عن هذا القانون في حالات هي مفهومة و بدلالة قطعية فتبقى جميع المعارف ضمن عامل الاعتدال.
ما يحصل احيانا مجيء معارف ظنية تكثر فيها اللاتناسبية الشرطية و الحملية ولاجل ترسخ الاعتدال و التناسب عند المشتغلين تحمل تلك الخطابات على انها تمصيل و مجاز اخباري و تقريب  وانها نوع من الترغيب و الترهيب و سبب ذلك هو العمل بالظن و عدم اعتماد عرض المعارف بعضها على بعض. ان هكذا لاتناسبية عقلائية التي لا يصح نفيها في الشرع للاتناهي ولامحدودية العلم الشرعي و تناهي ومحدودية العلم العقلائي ،  لكن ايضا لا يصح اثباتها الا بمعارف  قطعية لان الاصل في المعارف الشرعية العقلائية و لا يكتفى فيها بالظن. لذلك فهكذا نوع من معارف اذا جاءت بطرق ظنية فانها في منهج العرض للا تصلح لمعارضة المعروفات و المعهودات من معارف و تكون هي الثابتة، فهكذا اخبار تبقى ظنا فلا تفيد علما و لا عملا.
ان الخطاب الشرعي حينما ينذر و يبشر او رغب و يحذر انما هو باخبار حقيقي و ليس بمجاز اخباري و تمثيل تصويري بل هو حق و صدق وحقيقة بكل كل الواقع و الحقيقة لكنه غيبي. ان عامل الاعتدال المعرفي و قانون التناسب المعرفي محفوظ في الشريعة حيث ان لكل موضوع مجال من المعارف المحمولية محدود وفق الشواهد و المصدقات والخروج عنه هو لغرض تمييزي بين علم الخالق و علم المخلوق و قدرة الخالق و قدرة المخلوق وهكذا معرفة استثنائية لا بد فيها من معارف قطعية من محكم قراني و متفق سنة او ما يتصل بهما اتصالا معرفيا وثيقا بحيث يعد منها و اليها وهو اعلى درجات المصدقية و الشواهدية، حيث ان للمصدقية و الشواهدية درجات وهنا يطلب اعلاها لاجل ما تقدم.

المسلم بالمتدع مسلم مخطئ و ليس كافرا

ان قضية القران الاولى و الاخيرة هي الايمان و الكفر و التوحيد و الشرك و التصديق و التكذيب، و ما دام الانسان في احد الجانبين فلا يخرجه مخرج، فالمسلم دوما موحد مؤمن مصدق و الكافر هو المشرك و هو غير المؤمن و هو المكذب. 
لا وجود لمسلم مشركم و لا لسملم غير مؤمن و لا لمسلم غير مصدق. و اما احاديث ان الايمان يزيد و ينقص فالمقصود التقوى و العمل الصالح وقوة اليقين  و ليس التصديق.
حينما ياتي المسلم ببدعة وهو موحد مؤمن مصدق ، فانه لا يمكن اخراجه من الاسلام و الايمان و التصديق بهذه البدعة مهما كانت فلا وجود لبدعة كفرية و لا يكفر المسلم ببدعة، و ان هذا التيار الذي جعل بدعا كفرية انما هو ميبتعد عن غايات الشرعية و اهدافها .

لا واقعية مصطلح " المسلم الكافر"

الاسلام قائم على الايمان والتصديق اي الايمان بالله وتصديق رسول الله صلى الله عليه و اله و الكفر قائم على الانكار و التكذيبه، وهذا هو الحد الفاصل المعلوم و اما غيره من افكار فكلها ظنون لا وجه لها ، و المسلم الذي  ياتي بحدث او بدعة او منكر او معصية ، ما دام غير مكذب و ما دام موحدا مصدقا فهو مسلم ، و باطنه يعلمه الله ان كان منافقا فهذا ليس تكليفنا، انما لنا الظاهر انه موحد مصدق و ما دام مصدقا فهو مسلم ، و العمل الصالح شرط في التقوى و ليس شرطا في الاسلام، و الايمان الذي يزيد و ينقص هو التقوى و ليس التصديق.
ومن اغرب المقولات عبارة " المسلم الكافر" الذي يكفر بعقيدة او عمل ،و كيف يكون الشخص في نفس الوقت مسلما من جهة و كافرا من جهة ان هذا من التناقضات الغريبة العجيبة. الانسان اما مسلم او كافر ، و المسلم هو من وحد الله وصدق رسول الله و الكافر من اشرك بالله وكذب رسول الله و غير ذلك من التمييز و الفصل لا وجه له فلا وجود لعقيدة كفرية مع التصديق و لا وجود لعمل كفري مع التصديق، فمادام مصدقا بالكتاب و يقول ان ما فهمه من الكتاب ففهمه الخاطئ لا يخرجه من الاسلام لكن يجعله مسلما بعقيدة خاطئة و بعمل خاطئ. و يكفي في ان نقول ان هذه العقيدة باطلة و خاطئة في تجنب المسلمين لها و ابتعادهم عنها. كيف يكون الشخص الموحد والمؤمن المصدق في نفس الوقت مشركا و كافرا و مكذبا ، هذا من الاعاجيب و لا حول و لا قوة الا بالله.

المسلم والاسم الفرعي

قد بينا ان المسلمون انه قد يختلفون في اعتقاداتهم لاجل امور كثيرة اكثرها وهم وظن ، وهو لا ينتهي الا بالرجوع التام الى الاعتصام المعرفي. و قد راى البعض ان يصنف المسلمين بحسب تلك الاختلافات العقائدية و يعطيها اسماء فرعية، و المشكلة ان تلك المسميات طوائف كانت ام مذاهب ليس فيها حد محدود مانع جامع و انما الافراد يتباينون بل ان بعض افراد فرقة قد يكون موافقا لفرقة اخرى فيكون ليس له اثر عملي فضلا عن كونه مخالف للاوامر الالهية في عدم التفريق و عدم اعطاء اسماء فرعية.
والصحيح ان الناس ثلاثة كافر و مسلم صحيح العقيدة و مسلم غير صحيح العقيدة ، ولا داعي لان نعطي صاحب العقيدة غير الصحيحة اسما، و انما نقول هو مسلم لكنه يتبنى عقيدة غير صحيحة.
فالمسلمون مسلمون و ان اختلفت معارفهم و الاسماء التبيينية و التمييزية و التفريقية لا وجه لها و لا موجب و لا اثر.

السنة و الحديث بين المرشح الظني و المميز العلمي

ان المنهج الحق والفهم الصحيح  لنظام العمل بالأحاديث هو ان الرواية – مهما قويت- مرشح ظني ابتدائي لان يكون الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وانه سنة، وان المصدقية والشواهد هي المميز العلمي النهائي الذي يبين ان الحديث هو حديث رسول الله صلى الله عليه وانه سنة وكلما قويت الشواهد والمصدقات وكثرت قوي ذلك العلم. لذلك فالقطع بالسنة ليس من كثرت الطرق وقوتها بل من كثرة الشواهد والمصدقات وقوتها، ولطالما نجد أحاديث مستفيضة النقل وبطرق صحيحة ولا يعمل بها لأنها لا شاهد لها ولا مصدق من القران او السنة فتبقى ظنا ولا يقطع بها.

تحقيق المصدقية للعلم احصائيا

قد بينا في منسابات كثيرة و بشكل مستفيض كيف ان المصدقية - اي ان للحديث المعين شاهد و مصدق من القران و السنة- كيف انها تحقق العلم بكون سنة و انه من حديث رسول الله صلى الله عليه و اله بحسب الشرع و عرف العقلاء .
وهنا سنتحدث عن كيفية تحقيق المصدقية لذلك العلم بحسب فكرة الاستقراء و الاحصاء .
حيث ان الشرع هو نظام له عمود معرفي مركزي و حوله مجموعة منظومات مغعرفية منتتسبة اليه ، و كلما كانت نقاط تلك الانظمة قريبة من المحور و القطب فانها تكون اكثر تمثيلا و احقية فيه، كما ان هذا التجاور المعرفي يعني ترابط مضموني و فكري وهو ما يحقق الاتصال المطلوب للانتساب، و هكذا فكلما كانت المعرفة اقرب من المحور كانت اكثر انتسابا للنظام و اتصالا به و تمثيلا ىله كلما كانت ابعد كانت اقل انتسابا له و اتصالا به و تمثيلا له. 
المصدقات و الشاوهد هي التي تحدد موقع المعرفة من المحور و القطب النظامي ، فكلما كثرت الشواهد و المصدقات و قويت و بانت و ظهرت واتضحت كانت تلك المعرفة اقرب الى المحور و القطب ، حتى تصل الى درجة العلم و اليقين بالانتساب للنظام ، و كلما ضعفت تلك الشواهد و المصدقات و قلت كانت تلك المعرفة ابعد عن المحور ، حتى تصل الى عدم الاتصال و الى الظن بالانتساب او العلم بعدم الانتساب مع المخالفة.
 ان الرواية مهما كانت قوتها هي مجرد ادعاء النسبة و الاتصال لكن الكاشف الحقيقي بل و المحدد الحقيقي للنسبة و الاتصال بالنظام هو مقدار ما يكون لتلك المعرفة من شواهد و مصدقات فتتلون بلون النظام و تصطبغ بصبغته ، فاحيانا معرفة منقولة بطريق ضعيف لكن شواهدها كثيرة و كبيرة وقوية تجعل انتسابها و اتصالها بالنظام معلوما يقينا ، و احيانا معرفة منقولة بطريق صحيح الا انها ليس لها شواهد و لا مصدقات مما يجعلها مباينة باللون و الصبغة للمعرفة النظامية فلا تحقق العلم بانتسابها و اتصالها بل لو كانت فيها مخالفة معارضة لصبغة النظام فانها ستكون محل ظن بعدم الانتساب او محل علم بعدم الاتصال و الانتساب.
فالرواية مهما كانت قوتها مرشح ظني ابتدائي احتمالي للانتساب والمصدقية هي المميز العلمي والنهائي و الجزمي للانتساب.

تعدد الفهم للنص القراني ظن

من الواضح من السيرة المشهورة هو تجويز الاختلاف في فهم النص القراني و انه لا يرون حرجا في ذلك الا ان هذا في الحقيقة مخالف لكثير من الاصول وما هو الا اعتراف الى الحاجة الى عالم قيم لا يختلف.
وهذا التجويز بين الاشخاص لا يمكن قبوله بالنسبة للشخص الواحد، فلذلك فالعبارات التخييرية عند البعض موهمة لتجويز ذلك وهذا من الغريب فعلا، بل المصدق اما ان يختار جزما احد الاطراف او انه يقول بالعجز و يتوقف حتى يسال العالم القيم الذي لا اختلاف عنده.
ومع ان الكثير من حالات تعدد الفهم هو ناتج عن اعتماد الظن و ادخاله في العلم و التقليد و غيرها من امور الا انه للخروج من حالة تعدد الفهم فان المتعين هو الاكثر تمثيلا و تحقيقا للمصدقية و التوافق و الثبوت  والكمال بيانيا لان القران احسن الحديث. ولو انهم اعتمدوا العلم وتركوا الظن للانتفى التعدد الفهمي او التاويلات ، و لو انهم اختاروا المصدق الذي له شواهد وعتمدوا قاعدة احسن الحديث بقصد الاكمال و الاجمل و الافضل لما تعددد الفهم، اذ ان الحكمة تمنع من ان يكون كلام للبيان و يوصف بتمام البيان ثم يحصل اختلاف في الفهم و تعدده. ومن الغريب انهم لا يختلفون في فهم الالاف النصوص البشرية في المسموع و المقروء بل ملاييينها و يجدون دلالة متفقة بين جميع من يقراها لكن حينما ياتون الى النص الشرعي وهو الموصوف بالبيان و الحكمة يجوزون الاختلاف و يختلفون فعلا في فهمه، هذا شيء غريب وعجيب.
والصحيح ان هذا سببه ادخال الظن في الدين و في الفهم وفي النقل، و الحل هو اعتماد الفهم العاديب العرفي من دون اي تدخل لمعارف ظنية.

تغاير المضامين و تغاير الالفاظ

من المعارف الثابتة المعلومة بخصوص القران ان مضامينه مرتبة وان فهم النص القراني يكون بالرد الى المعارف الثابتة منه لذلك فان محكم القران لا يبعث على تفاوت في المعرفة كما انه لا يسلم بانه يعبر عن ذات المضمون بلفظ اخر بل دائما هناك اغراض لتغاير اللفظ, و بعبارة ثانية ان تغاير المضامين دوما له غرض معرفي و ان تغاير الالفاظ دوما له تغاير مضموني ، وهذا معلوم ومعروف في القران.
ولان السنة هي من الوحي و من ذات النظام و لاجل الاغراض القرانية ذاتها فالمصدق انها كذلك ، اي ان تغاير مضامينها يكون لاغراض معرفية و تغاير الفاظها يكون لاغراض مضمونية.
ومن هنا فالحديث المنقول ينبغي الا يخل بهذه الاصول ليكون سنة، بمعنى انه لا واقعية لاحاديث مصدقة متعارضة ولا واقعية للتخير بين الاحاديث المصدقة لاجل تعارضها ، كما انه لا مجال لصدور المضمون الواحد باكثر من اللفظ من النبي صلى الله عليه و اله من دون غرض مضموني.
وعلى هذا فالاحاديث التي تتغاير مضامينها لا بد ان يكون لهذا التغاير غرض معرفي و الا فان المتعين هو اختيار ما يكون التصديق و الشواهد اقوى فيه |، و هكذا اذا تغاير اللفظ فان المتعين هو الاكثر تحقيقا للمصدقية و تمثيلا لها ، و لا يقال انه يمكن عدم تبين المتعين احيانا لان هذا غير حاصل في القران فالمصدق انه لا يحصل في السنة ايضا، و من هنا فعند تعذر ادراك المتعين يكون الحديث ظنا لا و يدخل في السنة . 
و من هنا ايضا اذا تعين احد المضمونين او احد اللفظين يكون هو حديث رسول الله و يكون هو السنة ، لان منهج العرض يحقق العلم و ليس من العمل بالظن وهذا واضح بالنسبة للشخص الواحد . و اما بالنسبة لشخصين فان المعاملة تكون بحسب حالهما تجاه القران و المصدق ان التصحيح لواحد فقط الا ان السيرة المشهورة تجويز الاختلاف في الفهم وهو ما يكشف عن قصور في العباد وان كانوا علماء و يكشف عن الحاجة الى عالم قيم امام يعلم القران بلا اختلاف.
والخلاصة ان العامل الواحد اي الشخص الواحد لا بد ان تكون لديه معارف مرتبة و مضامين موحدة بالفاظ موحدة ، فلا مجال للتخخير بين المضامين و لا بين الالفاظ  بل المتعين من المتعارضات واحد هو الاحق من حيث الشواهد و المصدقات و الاحكام و التمام و موصفات الكمال البياني لان السنة من احسن الحديث وتتصف بالكمال البياني.

الأربعاء، 19 فبراير 2020

بين القران و السنة

لا ريب في حجية السنة و استقلالها بالحجية و السنة هي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله الثابت.
و هذه الحجية للسنة لا تعني امكان مخالفتها للقران لان الاختلاف بينهما مقطوع بعدمه ، فمن خصائص السنة انها مع القران و القران معها وهذا يعني ان مصدرية السنة كمصدرية القران الا ان اصليتها ليست كاصليته بل هي بعده ، وبعبارة اوضح السنة فرع القران ، فهي تشرح ما تكلم عنه القران و تبين ما سكت عنه القران . و السنة هي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
هذه الخصائص للسنة اي لحديث رسول الله صلى الله عليه و اله  نقلت الى الحديث المنسوب الى النبي، فصارت من خصائص الحديث المنسوب الذي هو ظن. فاثبتوا للحديث المنسوب كل ما هو ثابت لحديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
لكن الحق ان الحديث المنسوب مهما كان طريقه او تصحيحه او شهرته لا يدخل في حديث رسول الله و لا يدخل بالسنة، و الحديث المنقول لا يكون سنة و يعلم انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله  الا اذا كان موافقا للقران و كان القران معه و كان له شاهد من القران و نور و حقيقة تصدقه تخرجه من الظن الى العلم وانه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
من هنا فالحديث عن العلاقة بين القران و الحديث المنسوب اصلا لا مجال لها ، و انما الحديث و البحث في العلاقة بين القران و السنة اي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله و بينا انها شرح لما ذكره القران و بيان لما سكت عنه وهي بعده في الاصلية وان كانت مستلقة في الحجية.

موت الحديث المنسوب

ان الحق لا يدخل في الباطل و العلم لا يدخل في الظن و اليقين لا يدخل في الشك.

ان السنة والتي هي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله حق و علم و يقين ، اما الحديث المنسوب فباطل و ظن و شك.

لقد اوهمونا ان الحديث المنسوب هو السنة ، لكن هذا القول كذبة كبرى ، فالسنة هي حديث رسول الله و ليس الحديث المسوب اليه ، و لكي يكون الحديث المنسوب سنة لا بد ان يعلم انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
الحديث المنسوب مهما كان طريقه صحيحا فهو ظن و شك و باطل لان الحق في العلم و اليقين و لا علم و لا يقين في الحديث المنسوب.
لا يجوز في الحكمة ان ينهى عن الظن ثم يجوزه ،  لا يصح في الحكمة ان الله تعالى ينهى عن الاخذ بالظن  ثم يجوز الاخذ بالظن ، لا يصح في الحكمة ان تكون السنة حديث رسول الله ثم يقول ان السنة هي الحديث المنسوب الى رسول الله صلى الله عليه و اله.  هذا لا يكون.  

لا يمكن للظن ان يكون علما و لا للباطل ان يكون حقا و لا للشك ان يكون يقينا.

 لكي يكون الحديث المنقول سنة لا بد ان يكون حقا و علما و يقينا ، واين هذا من الحديث المنسوب  الذي يدعون ان الله امرهم باتباعه. ان الله تعالى امر بطاعة الرسول و اتباع السنة و الاخذ بحديث رسول الله و ليس باطاعة الحديث المنسوب المظنون ولا يامرهم باتباع الظن. ولا ينقضي تعجبي كيف جوزوا لانفسهم ذلك.
لقد فشل الحديث المنسوب في بيان السنة، واحدث تشويشا و ارباكا و دخل فيه الكذب و الوضع ، لذلك على المسلمين ان يعلنوا موت الحديث المنسوب وانه لا يمثل السنة وان السنة هي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله و ليس ما يظن انه حديث رسول الله و لا ما يسنب اليه و ان نقل بطريق صحيح فلا ملازمة شرعا و عرفا بين صحة الطريق وبين الصدور. بل الملازمة الحقيقة عرفا و عقلا و شرعا و فطرة  بين النقل و الصدور هو ان يكون الحديث مع القران و القران مع الحديث وان لا يفارق الحديث القران و لا يفارقه القران و ان يكون عليه نور و حقيقة و ليس ظن في ظن.
السنة هي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله ، و الحديث المنقول  لا يكون سنة الا اذا علم انه حديث رسول الله ، ولا سبيل الى ذلك الا بان يكون مع القران و القران معه و انه لا يفارق القران و ان القران لا يفارقه واما صحة الطريق و تصحيح الرجال و تقليدهم فلا يغني شيئا فالظن ظن و ليس حقا و لا علما و لا يدخل الظن في العلم و لا الباطل في الحق.
لقد من الله تعالى على المسلمين ان عرفهم القران و عرفهم السنة المعلومة القطعية فلا يحتاجون الى الظن ، و لا يجوز لهم ان يعملوا بالظن تحت اي عذر و ان يقولوا بصوت واحد ان السنة هي حديث رسول الله و ليس الحديث المنسوب، وان الحديث المنقول لا يحكم انه سنة الا اذا علم انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله بان يكون مع القران و القران معه، معلنين بذلك موت الحديث المنسوب.


بين السنة والحديث


السنة دين وهي حديث رسول الله صلى الله عليه و اله واما الحديث المنقول المنسوب الى رسول لله فليس دينا و لا سنة الا ان نعلم انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
حديث رسول الله صلى الله عليه و اله هو السنة وهو الحق و العلم و اليقين ، و اما الحديث المنسوب اليه فليس سنة بل هو ظن و باطل و شك ،ولكي يكون الحديث المنقول المنسوب الى الرسول سنة يجب ان نعلم انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.
الحديث المنقول المنسوب الى رسول الله صلى الله عليه و اله في كتب اهل الحديث يجب ان نعلم انه حديث رسول الله ليكون سنة، لان حديث رسول الله حق و علم و يقين ، و الحديث المنسوب ظن و باطل و شك.
 و مهما صحح المصححون و مهما زين المزينون و مهما تعصب المتعصوب و مهما خوفنا المخوفون ، فان الحديث المنقول المنسوب لرسول الله لا يكون سنة ولا يكون دينا الا اذا علمنا انه حديث رسول الله صلى الله عليه و اله ، بان يكون عليه نور و حقيقة و له شاهد و مصدق من القران و ان يكون مع القران و القران معه وان لا يفارق القران و لا يفارقه القران ولا يخالف الحكمة و لا الفطرة. حينها يعلم ان ذلك الحديث المنقول المنسوب هو حديث رسول الله صلى الله عليه و اله.

الاثنين، 17 فبراير 2020

الطريقة الطبيعية لنقل الحديث المعروض

ان العرض و اعتماد ما له شواهد من حديث انما جاء وفق طريقة العقلاء بالتصديق و القبول لما له شاهد مع كون نقله وفق طريقة منطقية و طبيعية، كما ان اوامر الشريعة تحمل على ما هو طبيعي و منطقي عند العقلاء لان العقلائية اصل في الشريعة، و من هنا فالعرض يكون للحديث الذي نقل بطريقة طبيعية و بطرق النقل المتعارفة بين الناس و لذلك لا يقال ان اعتماد الاتصال المتني بالشواهد المضمونية ( المتنية)  كمركز تصديقي يفتح المجال لدخول ما يدعى نقله بطريقة غير طبيعية من مصدر التشريع لما بينا ان العرض يكون لاحاديث نقلت بطريقة عرفية عقلائية طبيعية وهي المتعارفة في الزمن الطبيعي للرواية ، فلا يشمل العرض ما يعلم قطعا انه كذب، او ما يدعى نقله بطريقة غير طبيعية كتفرد المتأخر الخارج عن الزمن الطبيعي و العرفي للرواية  او ما يتفرد به غير المسلم او ما يتفرد به المعاصر وكذا رواية المعاصر او من هو خارج الزمن الطبيعي للرواية عن صاحب العصر صلوات الله عليه، فكل هذا يخرج تخصصا عن منهج العرض ولا يفيد العرض و الشواهد و المصدقات من اخراجه من الظن الى العلم ، بل ان القبول و عدمه لمثل ذلك يحتاج الى دلائل قطعية.

اعتصام المعرفة الدينية

دين الاسلام دين علم و حجة وهذا مصدر عصمته و اعتصام اهله، و ما يحصل احيانا هو التقليل من شدة الارتباط باصول المعارف و الاتكال على الادلة الظنية مما سبب الاختلاف ، لكن الاهم انه اخل بغاية اعتصام المعارف الدينية.
كون المسلم على الحق و ان ما يعرفه هو الحق مهم جدا، و اذا كان هناك مجال لتبريري تعدد الفهم لاجل اننا امام تعاليم منقولة باللغة و الكتابة، فان هناك من الوسائل العقلائية المقرة شرعا التي تستطيع تشخيص ما هو متصل و ما هو غير متصل بالاصول المعرفية.
ان صفة و خاصية اتصال الفرع بالاصل اهم بكثير من اي صفة اخرى للمعرفة، و المعارف الاسلامية ليست معارف متناثرة متباعدة بل هي معارف متناسقة متجانسة و متصل و متفرعة، و تتبعها بهذا الشكل هو السبيل الى اعتصامها.
لقد بذلت الكثير من الجهود للتعرف على الطريقة و المنهج الاصح لاجل البلوغ الى معارف معتصمة لكن الكثير من تلك المناهج وخصوصا المعتمدة الى خصائص الطريق لم تثبت فاعليتها فضلا عن قصور دليلها، الا انه من بين تلك المناهج فان المنهج الذي له شواهد و ادلة و مصدقات هو منهج العرض المتني اي عرض المعارف الفرعية على المعارف الاصلية بما هي مضامين، و الابتداء من نقطة اصلية و التفرع منها باتجاه حقول المعرفة الدينية من دون اضطراب او تعارض او غرابة او شذوذ بل بتواصل و اتصال معرفي و ليس طريقي وهذا لا يتحقق الا بعرض المعرفة الظنية على المعرفة المعلومة فيكون البناء كله معرف بعضه لبعض و مصدق بعضه لبعض.
ان الاتصال المعرفي قرينة عرفية و عقلائية على الانتساب لكن ذهب الكثيرون الى تفسيرع بالاتصال النقلي اي السندي وهذا مع قصور دليله فانه لا يحقق الغرض اضافة الى امكان الخلل في الفهم، بل الاتصال المعرفي العاصم للمعارف هو الاتصال ا
المضموني اي المتني وهو المدعوم عقلائيا و شرعا، فالمعرفة التي لها شواهد و مصدقات و تقرها الاصول المعلومة يكون نسبتها للنظام امر طبيعي وان لم يبلغ درجة الاصتال النقلي بينما كل ما هو شاذ و غريب و فيه نكارة فان نسبته للنظام يعد امرا غير طبيعي وان كان بلتصال معرفي لا يبلغ القطع.
ان عرض المعرفة غير الثابتة على معرفة ثابتة و البحث عن شواهد و مصدقات من الثابت على الظني هو السبيل الكفيل باخراج الظن الى العلم عرفا و عقلا و شرعا و تحقيق معارف معتصمة متوافق متناسقة. وهذا القانون ليس مختصا بمعارف الدين بل بجميع المعارف الانسانية، فلا نجدهم يقرون للغريب و الغرابة مدعاة الا بادراكات قطعية وهذا ما يجب ان يحصل في المعارف الاستدلالية الدينية فلا يسلم للنقل مهما كان درجة اتصاله  اي صحة سنده الا اذا كان له شواهد و مصدقات ما لم يبلغ القطع.

العلم بالسنة

 المعارف الدينية لا تثبت الا بالقران والسنة، ويعتبر فيها العلم فلا عبرة بالظن، ومن هذه المعارف ما يكون معلوما بنفسه لا يحتاج الى غيره كمحكم القران ومتفق السنة وهذه هي المعارف المستقلة الاصلية ومنها ما يحتاج الى شواهد ومصدقات من المعارف المستقلة الاصلية ليبلغ درجة العلم وهذه هي المعارف المصدقة الفرعية. والمعرفة الدليلية المعلومة بالاستقلال او بالتصديق أي سواء كانت معرفة مستقلة اصلية او مصدقة فرعية تثبت جميع المعارف الدينية من اعتقادات واعمال.   
  قيلت وذكرت قرائن لإخراج الحديث الظني من الظن الى العلم منها صحة السند لكن لا شيء منها بلغ درجة العلم ويحقق الغرض الا العرض على محكم القران ومتفق السنة وعليه اعمل والحمد لله.
ان موضوع العرض هي الأحاديث التي لا تبلغ حد العلم بنفسها بين المسلمين، فالأحاديث المعلومة المحققة للسنة لا تحتاج الى عرض، وانما موضوع العرض هي الأحاديث التي لا تبلغ درجة العلم بنفسها، فاذا كان لها شاهد ومصدق من محكم القران ومتفق السنة خرجت من الظن الى العلم وحققت السنة المصدقة. فالعرض ليس للسنة، ولا للأحاديث المعلومة المحققة لها، وانما العرض للأحاديث الظنية لكي تخرج من الظن الى العلم بالشواهد والمصدقات فتحقق السنة. فالسنة واحدة وكلها حجة لكن أحيانا نعلمها بالاستقلال وأحيانا نعلمها بالعرض والشواهد والمصدقات.

الأحد، 16 فبراير 2020

التوافق المعرفي والنكارة المعرفية

كل كلام له مدلول معرفي ، حينما يستقبله العقل فانه يرده الى ما يعرف من معارف و على قدر التوافق و التناسب يطمان له و الا يكون في حيز النكارة و الشذوذ حتى يجد له تبريرا لتقبله. و النكارة وهي الاستيحاش و الغرابة و الشذوذ امور حقيقية في المعرفة و لا بد ان يلاحظ ان  عدمها هو الاصل و الاساس في الخطاب الشرعي ولا بد من التقليل من سلطة التعبد الظني غير المراعي لذلك لانها غير موضوعية و لا علمية وخلاف الدليل، بل دوما لا بد ان تكون المعارف متوافقة و متناسقة و متجانسة. و بالقدر الذي لا يصح احداث معارف من خارج الدليل الشرعي فانه ايضا لا يصح ان ينتقل الدليل الشرعي من مجال التوافق و التناسق و الفطرية و العقلائية الى مجال الغرابة و النكارة و الشذوذ بحجة التعبد و التسليم ، ان هذا ليس تسليما و لا تعبد بل هو خلاف التعبد و التسليم لانه خلاف الاصول و الثوابت بوجوب تناسق و توافق المعارف وان بعضها يصدق بعضا و خلوها من كل اختلاف او غرابة او نكارة معرفية.
ان ما تثبته المعارف القطعية  هو اصول المعارف و اليها يرد غيرها ، و محكم القران و متفق السنة هي اصول المعارف الدينية و اليها يرد غيرها من معارف سواء دلالات او نقولات وان ما يقتضيه الاصل التنظيمي و التعاونية لمنظومة المعارف الاسلامية هو التوافق و التنساق و عدم التعارض و الاختلاف و عليه الايات و الروايات المستفيضة بل القطعية صدورا و دلالة.
و من هنا لا بد ان يكون عدم النكارة و عدم الشذوذ عاملا مهما بل وحاسما احيانا في الترجيح الدلالة و النقلي و المعرفي عموما ، و لا ينبغي ان تكون دعوى الاحتياط و عدم الاحاطة مبررا لقبول المعارف التي تتصف بالنكارة و الشذوذ و الغرابة لان الشرع هو نظام عرفي عقلائي و جاء و فق هذه الاسس و الحدود ، بل ان من الاحتياط و الاعتراف بالاحاطة هو عدم تقبل ما فيه نكارة و شذوذ من معارف دينية و نسبتها للدين. فالاحتياط في الدين و الاعتراف بالقصور المعرفي تجاه معارف الدين هو عدم قبول ما فيه نكارة و شذوذ من نقل او اقوال.
ان التسليمية من الدين و من الاحتياط للدين لكنها قد تكون احيانا خلاف الدين و خلاف الاحتياط ان كانت تؤدي الى قبول متساهل للغريب و الشاذ و ما فيه نكارة من معارف. و كما ان هذا ينطبق على النص المنقول فانه ينطبق على الدلالة مع تعددها، فينبغي في مجال قبول النقل او الدلالة او الفهم الاهتمام بان تكون المعارف متوافقة متناسقة يصدق بعضها بعضا خالية من الاختلاف و النكارة و الشذوذ.

الدلالة القرانية و السنة

لا ريب ان للسنة حجية هي بمستوى حجية القران، فالسنة الثايتة تخصص و تقيد و تضيق و توسع النص الدلالة القرانية بلا اشكال، لكن لا بد من التاكيد ان القران خطاب لغوي له حدود من الدلالة الخروج عنها يعد مخالفا للغويته.
و السنة لا تعني الحديث كما يعتقد البعض، فليس كل حديث هو سنة  بل السنة هي طائفة معينة من الحديث تحقق شروطا معينة تخرجها من الظن ، فالسنة بعض الحديث و ليس كله ، و ليس كل حديث هو سنة و ان كان كل سنة هي حديث.
اذا خرج الحديث من الظن اصبح سنة وهذه السنة يمكنها توجيه الدلالة القرانية كما ان القرينة  القرانية يمكن ان توجه الدلالة القرانية،و يمكن لها ان توجه الدلالة السنية. فالعلاقة بين القرائن القرانية و السنية و العرفية و العقلائية و الدلالات القرانية و السنية ليست امرا خفيا و يحتاج الى ابحاث بل هو امر عرفي بسيط يعرفه و يدركه كل احد، و ما هو مطلوب فقط هو معرفة باللغة و المعاني و بالقرائن الداخلية و الخارجية و منها القرائن القرانية و السنية فيجري المخاطب الادراك الدلالي البسيط الفطري.و تحميل النص القراني و القرينة السنة اكثر من ذلك لا اساس له و مرفوض تماما.
ان ما يخرج الحديث من الظن الى العلم فيصبح سنة هو مجموعة من القرائن العرفية السبيطة اهمها الشواهد المعرفية من المعارف الدينية الثابتة و الاصول التخاطبية المسلمة للغة. و الدلالة القرانية و السنية هي دلالة عرفية خالصة و ليست غريبة و يتوصل اليها بطريق عرفية بسيط من خلال الاصل اللغوي التخاطبي الدلالي العام و من خلال ملاحظة القرائن الثابتة العلمية غير الظنية و منها القرينة القرانية و السنية و العقلية و العقلائية و العرفية والوضعية.

القرائن التفسيرية اليقينية العلمية

الناس بما هو اصحاب لغة فانهم يعتمدون على قرائن عامة ارتكازية لاجل التفاهم و الاستفادة من الخطاب و هذا متاصل و متجذر في اللغة بحيث جعل اللغة وسيلة عالية الكفاءة في التواصل و توصيل الافكار. ان ما ينتج عن اللغة من افادات ليس وهميا و انما هو واقعي و حقيقي و لا يمكن للمتكلم او المخاطب ادعاء غيره ، و القران جاء وفق هذه الاسس وهو في اعلى درجات البيان  و التوصيل.
ان الاساس و المرتكز لهذه الحقيقية هو اعتماد المخاطبين قرائن عامة علمية يقينية و اهمال بل عدم الالتفات بل عدم العلم باية قرينة لا تتصف بالعموم و اليقينية، لكن ما حصل عند اهل التفسير هو التساهل في هذه الجهة و اعتمد البعض قرائن ظنية و تحول النص القراني عندهم من رسالة تعليمية تنظيمية الى مجال ابحاث.
حينما تصل الانسان العادي رسالة كلامية فانه يعتمد قرائن نصية داخلية من معاني الكلمات و تركيب السياق و قرائن خارجية متعلقة بالمتكلم او المخاطب او الموضوع  هي مرجعيات موحدة فتتحق الافادة و الاستفادة التي لا خلاف و لا اختلاف فيها. و لحقيقة ان القران خطاب لغوي قديم و لاجل ان عبارته واسعة  تستوعب طائفة واسعة من الناس مع تغيرات موضوعية بينهم فان ذلك يحدث شيئا من التباين في قيمة القرائن الا انه لا يعني ذلك دخول التعدد الدلالي و الاختلاف الدلالي و التاويل و الاحتمالات كظاهرة و كاصل مما يتعارض مع الغرض و يجعل القران اقل بيانية  من نصوص غيره من المتكلمين. و الحل الحقيقي لاجل تجاوز هذا الاختلاف هو اعتماد قرائن علمية عامة مسلمة داخلية او خارجية لها مبررات واضحة و راسخة و مسلمة لاجل تحصيل دلالات متقاربة او موحدة يقينية غير ظنية.

التفسير العلمي و التفسير الظني


 القران خطاب لغوي و بما هو نص فانه يمكن ان يثير تعددا او احتمالا في المعنى الا انه لا ينبغي ان يكون ذلك مدعاة لتعدد المعاني بطريقة خارجة عن اطاره الخطابي الوظيفي و لمجرد طرح الافكار لان القران ليس نصا معرفيا مجانيا بحثيا و انما هو تعاليم وظيفية يقصد بها غايات تنظيمية. 
ان الدلالة تحددها مجموعة من القرائن الداخلية و الخارجية و القران جاء وفق الطريقة العرفية العقلائية الواضحة لاهل اللغة و من السهل جدا الوصول الى معارف تفسيرية متقاربة بل وموحدة باتباع الطريقة اللغوية السائدة بين المخاطبين و الالتفات الى تعاونية و تبادلية النص القراني.
القرينة و ما ينتج عنها من دلالة غالبا ما تكون علمية معلومة واضحة لها درجة عالية من اليقين و الجزم بحيث اذا القي الخطاب الى مجموعة من الناس فان غالبيتهم يفهمون مفاده  بشكل متقارب و يستفيدون منه ذات الفائدة، هذا الشكل من القرينة و الدلالة هي القرينة العلمية و ما ينتج عنها هو الحق و اليقين ، في قبال ذلك هناك القرائن الظنية و التي تنتج دلالات ظنية لا اعتبار بها عند المخاطبين، و رغم ان العبارة القرانية واسعة يمكن ان تنطبق على طيف واسعة من المصاديق الا انه لا يصح ان يصبح النص القراني نصا تاويليا و يفقد غرضه الاساسي التعليمي التنظيمي. 
الخطاب القراني خطاب معرفي تعليمي تنظيمي لاجل الحكم و العمل و ليس لاجل مجرد الابحاث و اظهار المهارات الدلالية و التاويلية بما يتعارض مع تلك الوظائف.
فينبغي في التفسير الاقتصار على القرائن و الدلالات العلمية الموجبة للجزم و اليقين الواضحة العامة التي توحد و لا تفرق و الابتعاد عن القرائن و الدلالات الظنية الموجبة للاختلاف و التشتت مهما كان مصدرها او طريقة حصولها.



التفسير المجرد و التفسير الاستدلالي

 في احيان كثيرة يعمد المفسر الى طريقة مطولة لاستيفاء الابحاث، لكن لا بد من ملاحظة ان كثير من تلك الابحاث هي خارج نطاق اهتمام القارئ العادي و انما هي ابحاث اختصاصية ، فكما ان هناك فتواى مجردة مختصرة تسهيلية و هناك ابحاث استدلالية الفتوى لاجل الطلبة فايضا في التفسير  يوجد هذا التقسيم.
فهناك تفسير مجرد هو لعامة الناس يكون بكلمة او كلمتين و هناك تفسير استدلال قد يقتضي صفحة او صفحات لاستيعاب الابحاث التفسيرية للاية الواحدة ، و من هنا فلا بد لكل مفسر ان يكتب للناس تفسيرا مجردا هو اختياره من المعاني و الاقوال، و ان يكتب ان اراد تفسير استدلاليا لبيان وجه ما اختاره.

الأربعاء، 12 فبراير 2020

الحاجة الى تفسير القرآن

لا ريب انّ كل من له أدني معرفة بقواعد اللغة العربية يفهم آيات القرآن لأن القران جاء على درجة عالية من البيان والبساطة، كما انّ المقاصد الكبرى في الشريعة يمكن لكل عارف باللغة تحصيلها من القران دون الحاجة الى اي تفسير. لكن الحاجة الى التفسير حقيقية ومهمة لحقيقة ان القران ليس فقط رسالة ذات معنى، وانما هو نظام تعاليم ومنظومة معارف، وهذا النظام متجانس ومتوافق، والتعبير القرآني غالبا ما يستعمل اساليب بلاغية دقيقة تحتاج الى مفسر لكي يبين ان كل تلك المعارف تقع ضمن ذلك التوافق والتجانس المعرفي. فالحاجة من التفسير ليس لبيان الافادة المعنوية للآيات باعتبارها وحدات كلامية وانما لبيان الافادة المعرفية للآيات باعتبارها معارف. فنحن نحتاج الى التفسير ليس لكي نعرف مدلول الآية المعنوي بل لكي نعرف مدلولها المعرفي، فالتفسير كشف معرفي للآيات وليس كشفا معنويا، مع ان هذا ليس مطلوبا في كل الآيات بل في قسم منها لكنه مهم وأحيانا يكون مهما جدا وأحيانا يكون اعتماد الدلالة الظاهرية للآية خطأ مع وجود قرينة معرفية صارفه عن الظاهر لذلك دأب المسلمون على التفسير بحيث لا يكاد يخلو عصر من مفسر لكن احيانا الاختلاف بين المفسرين الناتج عن غاية الكشف المعرفي للمعنى يرجع بأثر عكسي على المعرفة القرآنية، وهذا الاختلاف له عوامل كثيرة لكن اهمها اعتماد الظن المعرفي حيث ان المعارف منها ما هو علمي ومنها ما هو ظني، والواجب وما هو كفيل برفع الاختلاف هو اعتماد المعارف الثابتة دون ظنيها في عملية الكشف المعرفي للمعنى الظاهر وعدم الخروج عن الظاهر اللغوي للآية الا بقرينة معرفية ثابتة.














الاثنين، 10 فبراير 2020

حديث العرض على القران و السنة بسند معتبر


مع أنى ذكرت اربعين حديثا تنص على عرض الحديث على القران والسنة والاخذ بما وافقهما وترك ما خالفهما من طرق مختلفة مع اختلاف الراوي الذي يروي عن النبي او الوصي صلوات الله عليهم، وان هذه الكثرة تورث الاطمئنان بالصدور. وبينت في كتب اخرى رفع جميع التساؤلات والاشكالات عن دلالة المتن الا انني هنا اذكر الحديث بسند معتبر بشروط علم دراية الحديث لكيلا يقال انه دور فان هذا المنهج اي منهج العرض يجوز العمل بالحديث الضعيف ان كان له شاهد من القران والسنة. 
وهنا خمسة أحاديث ثلاثة منها حسن وواحد موثق وواحد مقبول، وهذه تدخل بالاعتبار بلا اشكال. وهذا العدد من الأحاديث المعتبرة مجتمعة من شواهدها الاخرى تورث العلم فتحقق شرط العمل في المسالة الاصولية والحمد لله.

1- المحاسن: عنه عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن أبي يعفور قال علي و حدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث يرويه من يثقبه و فيهم من لا يثق به فقال إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أومن قول رسول الله (صلى الله عليه و اله) و إلا فالذي جاءكم به أولى به.
حسن بالحسين بن ابي العلاء.

2- رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله.  حسن بابن قولويه.

3- المحاسن:  عنه عن أبيه عن علي بن النعمان عن أيوب بن الحر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كل شي ء مردود إلى كتاب الله و السنة و كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.  مقبول بمحمد بن خالد.

 4- المحاسن: عنه عن الحسن بن علي بن فضال عن علي عن أيوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و اله) إذا حدثتم عني بالحديث فأنحلوني أهنأه و أسهله و أرشده فإن وافق كتاب الله فأنا قلته و إن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. موثق.

5- رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن عن على أبي الحسن الرضا عليه السلام: قال لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به. حسن بابن قولويه.

الجمعة، 7 فبراير 2020

متى يعلم ان الحديث صدق فيعمل به

من المعلوم ان محكم القران نهى عن العمل بالظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا.
و الحديث اذا لم يعلم انه صدق يبقى ظنا فلا يفيد علما و لا عملا و كل ما يقال خلاف ذلك لا يثبت امام الحق و الصدق و العلم.
و الحديث اما ان يورث العلم بالصدق او الكذب او يورث الظن بالصدق او الكذب.
و اما اورث العلم بالصدق وجوب تصديقه و العلم به و ما اورث العلم بالكذب وجب تكذبه و لم يجز العمل به، اما ما يورث الظن بالصدق او الكذب فلا يجوز العمل به وان كان صحيحا بحسب الاصطلاح في مصطلح الحديث و لا يجوز تكذيبه وان كان ضعيفا اصطلاحا.
ومحكم القران و متفق السنة حجة بنفسيهما و لا يحتاج اي منهما الى شاهد من خارجهما و هما لا يمكن ان يختلفا.

و الحديث يورث العلم بالصدق اذا كان له شاهد واضح من محكم القران و متفق السنة سواء كان الحديث صحيحا او ضعيفا بحسب الاصطلاح. وهذا عليه النقل الشرعي و عرف العقلاء. وهذا هو الحق الذي هو حجة و يعمل به.

و الحديث مهما اورث الظن بالصدق فانه لا يصح العمل به ما لم يبلغ درجة العلم ، فهمها كان السند صحيحا فانه يبقى ظنا ما لم يكن له شاهد من القران  او السنة المتفق عليها.
والحديث الذي يوصف بالوضع او الكذب لا يحكم بكونه مكذوبا او موضوعا الا اذا توفرت قرائن للعلم بذلك ومنها و اهمها مخالفته للقران و السنة. بل كل حديث لا يعلم مخالفته للقران و السنة لا يحكم بكذبه ما لم يعلم قطعا ذلك و ان وصفه البعض بالكذب و الوضع.

وما اكتبه هنا تلخيص و تجريد و الدلائل و موجود في كتبي من ايات و احاديث.

  





الأربعاء، 5 فبراير 2020

المرجع عند التنازع القران و السنة

قال تعالى 

فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
و الرد الى الله الرد الى محكم كتابه المجمع على تاويله  و الرد الى الرسول الرد الى سنته الجامعة كما جاء في الخبر.
و اعتبار ان يكون الرد الى المحكم المجمع على تاويله و السنة المتفق عليها الجامعة غير المفرقة لاجل توحيد المرجعية.
و الطريق الى التاويل اي الفهم و التفسير للايات المحكمة و المتفق عليها بين المتنازعين سهل و واضح
 اما السنة الجامعة المتفق عليها فلا بد ان يكون متفق عليها ايضا وهذا يكون بالقطعيات المتفق عليها التي يسلم بها الكل.
فالنقل الذي يصدقه محكم الكتاب و متفق السنة هو المقدم .
لكن هناك مشكلة عند اصحاب المنهج السندي اذ انهم يشترطون للعمل بالخبر قبل عرضه صحة سنده و لاجل الاختلاف في التصحيح فانه لا يمكن الزام من يرى ضعف الحديث بالعمل به و ان وافق محكم الكتاب و متفق السنة، فيكون هذا الحكم التنازعي مختص فقط بمن يتفقون على التصحيحات اي سيكون عندنا مذاهب تصحيحية، وهذا مخالف للاية لانها شاملة لجميع المسلمين.

وهذا الاشكال لا يرد علينا نحن اصحاب منهج العرض لاننا لا نشترط صحة السند في العمل بالحديث بل نشترط فقط ان يكون له شاهد ومصدق من القران و السنة.
و من هنا فنحن لا نزاع عندنا مع اصحاب السند الا في الاحاديث التي ليس لها شاهد وهذه غير محققة لشرط الحكم في حال التنازع الذي يشترط الرد الى القران و السنة في النزاع.
واذا رجعنا الى ايات اخرى و روايات مصدقة فاننا نجد الى الرد الى القران و السنة اصل عام للعمل بالخبر و ليس مختصا بحالة التنازع و انما ذكر التنازع هنا من باب المصداق و كونه احد تطبيقاته.
وان اطلاق الاية و غيرها و الروايات يضعف القول باعتبار صحة السند قبل العرض . والله اعلم.