كتابات انور غني الموسوي: أمير المؤمنين تسمية علي بن ابي طالب بأمير المؤمنين...: تحميل جمعت هنا بعض الطرق التي رواها صاحب بحار الانوار في تسمية الله تعالى ورسوله الله صلى الله عليه واله لعلي بن ابي طالب عليه السلام ب...
الأحد، 30 أغسطس 2020
الثلاثاء، 25 أغسطس 2020
كتابات انور غني الموسوي: المصدق الصغير تاليف انور غني الموسوي
كتابات انور غني الموسوي: المصدق الصغير تاليف انور غني الموسوي: كتاب " المصدق الصغير" كتاب جامع للأحاديث المصدقة بالقرآن والسنة من كتابي (الجمع بين صحيحي البخاري ومسلم للحميدي وصحيح مسانيد ...
السبت، 11 أبريل 2020
نصيحة روائية
كل رواية فيها شيء من الاشكال او شيء من الغموض او شيء من اللاواقعية او شيء من اللاعقلانية ليس عليك العمل بها.
لأن الحق نور و بيان ووضح وواقعية وعقلانية.
لقد بذل المحدثون رحمهم الله تعالى جهدا كبيرا في توجيه هكذا روايات ، لكن في الحقيقة هذا لا يحول الظن الى علم ، فهكذا توجيه ينبغي ان يترك ، ان هذا لا ينفع في ميزان الحق و العلم والصدق. لا بد في الرواية من البداية ان تكون واضحة هينة سهلة في تمام الواقعية وفي تمام العقلانية.
الأحد، 5 أبريل 2020
استفت قلبك ؛ فائدة د. عبد العزيز الريس
هذه المقال من كتابي القادم ( استفت قلبك ؛ الوجدان الشرعي)
فائدة د. عبد العزيز
الريس
(يقول
السائل: ما معنى حديث ( استفت قلبك ولو افتاك الناس) ؟
البعض يقول في تفسير هذا الحديث ان كان هناك دليل فليس هناك استفتاء قلب، هل هذا
صحيح؟
يقال : هذا الحديث الذي ذكره السائل هو حديث
راوه الامام احمد عن وابصة بن معبد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استفت قلبك البر ما اطمانت اليه النفس و اطمان اليه القلب
والاثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وان افتاك الناس وافتوك ) لكن بيّن ابن رجب في كتابه جامع علوم
الحكم ان هذا الحديث لا يصح عن رسول الله
صلى اله عليه وسلم وان كان هناك من حسنّه ، لكن يغني عن حديث ما ثبت في مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله قال ( والاثم ما حاك في صدرك
وكرهت ان يطلع عليه الناس) وكذلك ما ثبت عند
احمد من حديث ابي ثعلبة الخشني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( البر ما سكنت اليه النفس
واطمان اليه القلب والاثم ما لم تسكن اليه النفس ولم يطمئن اليه القلب ) وكذا ما ثبت عند
احمد عن ابي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما سئل عن الاثم قال
( ما حاك في نفسك وان افتاك المفتون ) وكذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الاثم حوّاز القلوب) . وقد احتج بهذا ابن رجب وقد احتج
بهذا الامام احمد رحمه الله تعالى، و ما
تقدم ذكره من حديث ابي ثعلبة الخشني وابي
امامة قد صححهما ابن رجب في كتاب جامع علوم
الحكم. اذا علم ما تقدم فانه يصح الرجوع الى القلب من باب الاعتضاد؛ الاعتماد او
من باب الترجيح بين دلالة ادلة لم يظهر فيها الراجح فانه يرجع للقلب لترجيح احد
الكفتين بدلالة ما تقدم من ادلة وهذا خلافا للغزالي وبعض الاصوليين الذين لا يرون
الرجوع الى القلب البتة ويقابلهم طائفة
اخرون يرون الاعتماد على القلب كما يعتقد ذلك بعض لعامة ، وانما ينبغي ان نكون
وسطا على ما تقدم ذكره وهو ما قرره شيخ الاسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى لكن
ينبغي ان يعلم انه لا يصح الرجوع لاي قلب في الترجيح بين امرين لم يظهر الراجح
فيهما من ادلة الكتاب والسنة وانما ينبغي ان يلاحظ في ذلك قيود و شروط الامر
الاول الا يكون الدليل من الكتاب و السنة ظاهرا
ولا بينا فاذا ظهر الدليل وجب اتباعه لقوله تعالى (ما كان
لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا
ان يكون الخيرة من امرهم) وقد ذكر
هذا ابن رجب في شرح الاربعين وهو المستفاد من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الامر الثاني انه لا يرجع الى
أي قلب بل الى قلب منور بالعلم و الايمان
والطاعة فيرجع الى قلب رجل صاحب علم وتقوى وطاعة ومعرفة دينية لا الى أي قلب وقد ذكر هذا ابن رجب في شرح
الاربعين وابن ملقن في شرح الاربعين وهو مستفاد من كلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى وكذلك من كلام الطوفي في شرح الاربعين فاذن بما تقدم ذكره
فانه لا يرجع الى أي قلب بل بالضابط الى
ما تقدم بيانه . قناة عبد العزيز الريش اليوتيوب.
تعليق:
البحث الاصلي ( الايات والاحاديث)
الايات:
(وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا مُبِينًا )
الاحاديث
1-
حديث
( استفت نفسك وإن أفتاك المفتون)
قال
الريس (يقول السائل: ما معنى حديث ( استفت قلبك ولو افتاك الناس) تعليق: لم اجده
في كتاب حديث وانما وجدت لفظ (استفت نفسك وإن
أفتاك المفتون ) في حلية الاولياء عن واثلة. ومثله عن وابصة في جمع الجوامع عن
تاريخ البخاري لكن يبدو انه اختصار لحديث وابصة، فالمتن التام لحلية الاولياء
ولواثلة.
حكم
الحديث متنا بمنهج العرض: الحديث صحيح. بلفظ ابي نعيم في الحلية
2-
حديث
( اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ
إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ
وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ)
قول
الريس ( هذا الحديث الذي ذكره السائل هو حديث راوه الامام احمد عن وابصة بن معبد رضي
الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( استفت قلبك البر ما اطمأنت اليه النفس.....).
وفيه ان الحديث الذي في السؤال ليس حديث
مسند احمد ، كما ان الحديث الذي ذكره لم اجده في المسند وانما وجدت ما يلي مختصرا
:
لفظ
يزيد بْنُ هَارُونَ (يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ
الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ
وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ)
لفظ
عبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ( الْبِرُّ مَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُكَ وَالْإِثْمُ
مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ عَنْهُ النَّاسُ) .
نعم
في الاربعين النووية لفظ ( إستفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب
والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك ) قال حديث حسن رويناه
في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدرامي بإسناد حسن. انتهى . وابن رجب اعرض عن
هذا المتن ونقل متن المسند وهو تام فان هذا التفرد مع وجود المتن الاصل يشير الى
نقل بالمعنى فلا تثبت به الرواية . و اقربها لما نقل هو حديث يزيد بن هارون ففيه (
استفت نفسك البر ما اطمان اليه القلب). فيكون هو مراد النووي والله اعلم. ووجوده هكذا
في نسخته ممكن الا انه ظن.
حكم
الحديث متنا بمنهج العرض: التعدد النقلي لا يقبل في منهج العرض الا بالعلم بتعدد
الحادثة والاصل وحدتها لوابصة، فيكون اللفظ وتحد و المتعين بحسب العرض هو لفظ عفان
(يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ
مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ
فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ)
فالحديث
صحيح بلفظ عفان.
3-
حديث
(البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت ان يطلع الناس عليه)
قال
الريس ( لكن يغني عن حديث ما ثبت في مسلم من
حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه ان النبي
صلى الله عليه واله قال ( والاثم ما حاك في صدرك
وكرهت ان يطلع عليه الناس) تعليق:
هذا تام ففي صحيح مسلم (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ
، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) . لكن الحديث رواه احمد بسند صححه
الارنؤوط فكان يحسن ايضا ذكر ما رواه احمد لان حديث الاول لاحمد وضعفه بعض وهو مال
الى التضعيف، وان كان صحيح مسلم متفق على قبول حديثه فقد روى احمد عن النواس بطرقه كما يلي مختصرا:
لفظ
عبد الرحمن بن مهدي ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت ان يطلع الناس عليه
) قال الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
لفظ
عبد القدوس أبو المغيرة الخولاني ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت ان
يعلمه الناس ) قال الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
لفظ
زيد بن الحباب (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت ان يطلع الناس عليه ) قال
الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
حكم
الحديث متنيا بحسب منهج العرض: اللفظ متعدد والاصل عدم تعدد الحادثة الا اذا وجدت قرينة
ولا قرينة فاللفظ واحد وهو لفظ عبد الرحمن (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت
ان يطلع الناس عليه) ويترجح على لفظ مسلم لانه اكثر مطابقة لطريقة العرف في الكلام
فيقدمون الفاعل على المفعول.
حكم
الحديث متنيا: حديث صحيح بلفظ عبد الرحمن .
قال
الريس: (وكذلك ما ثبت عند احمد من حديث ابي ثعلبة الخشني ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال ( البر ما سكنت اليه النفس واطمان اليه
القلب والاثم ما لم تسكن اليه النفس ولم يطمئن
اليه القلب ) تعليق: الحديث في المسند بلفظ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى (الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ
إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ
إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ.
وَقَالَ لَا تَقْرَبْ لَحْمَ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ
وَلَا ذَا نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ ) .لكن ليست هذه الزيادة في كتاب الورع، و رواه
الطبراني عن عبد الله عن ابيه من دون تلك الزيادة فقال بلفظ عبد الله : (عبد الله بن
أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا زيد بن يحيى ( البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب
والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب) وكذا لفظ الحلية عن احمد عن
زيد قال ( حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا إدريس بن عبدالكريم ثنا أحمد بن حنبل ثنا
زيد بن يحيى) ،ولظ ابن الاعرابي عن ادريس عن احمد وكذا لفظ جمع الجوامع للسيوطي عنهما و عن
الهيثمي من دون تلك الزيادة بل ان ابن رجب قال وخرج احمد وذكر الحديث الى
(المفتون) من دون الزيادة. مما يقوي الظن انها ليست في رواية عبد الله وانما فقط
في طريق نسخة المطبوع وانها تعليق دارج من بعض الرواة ممن رواه عن عبد الله وحتى
لو كانت من الحديث فاننا بمنهج العرض نفكك الرواية و ناخذ بالمضمون المصدق الذي له
شاهد و نترك ما لا شاهد له وهذه الزيادة ليست فقط ليس لها شاهد بل مخالفة لظاهر
القران.
هذا
وان صدر الحديث مهم جدا فانه قال (قلت يا رسول الله أخبرني بما يحل لي ويحرم علي قال
فصعد النبي صلى الله عليه و سلم وصوب في النظر) لكنه متعدد اللفظ فوجب بسطه:
لفظ
المسند (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِمَا يَحِلُّ لِى وَيُحَرَّمُ عَلَىَّ.
قَالَ فَصَعَّدَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- وَصَوَّبَ فِىَّ النَّظَرَ فَقَالَ
« الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَالإِثْمُ
مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَإِنْ
أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ » وَقَالَ لَا تَقْرَبْ لَحْمَ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا
ذَا نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ
لفظ
الروع (قلت يا رسول الله اخبرني ما يحل لي وما يحرم علي قال فصعد النبي صلى الله عليه
وسلم البصر في وصوب فقال النبي صلى الله عليه و سلم البر ما سكنت اليه النفس واطمأن
اليه القلب والاثم مالم تسكن اليه النفس ولم يطمئن اليه القلب وان افتاك المفتون)
لفظ
المعجم الكبير ومسند الشاميين (قلت : يا رسول الله أخبرني بما يحل لي وما يحرم علي
فصعد في البصر وصوبه وقال : البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما لم
تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب )
لفظ
الحلية ( قلت يا رسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي قال فصعد النبي صلى الله
عليه و سلم وصوب فقال البر ما سكنت إليه النفس وأطمأن اليه القلب والإثم مالم تسكن
اليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون)
لفظ
غاية المقصد (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِى بِمَا يَحِلُّ لِى وَيُحَرَّمُ
عَلَىَّ؟ قَالَ: فَصَعَّدَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَصَوَّبَ فِىَّ النَّظَرَ،
فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ،
وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ،
وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ.)
معجم
ابن الاعرابي ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أخبرني بما يحل
لي ، وما يحرم علي ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم في البصر وصوب ، فقال : البر ما
سكنت إليه النفس ، واطمأن القلب ، والإثم ما لم يسكن النفس ولم يطمئن إليه القلب ،
وإن أفتاك المفتون
ولفظ
مجمع الزائد (قلت : يا رسول الله أخبرني بما يحل لي وما يحرم علي قال : فصعد النبي
صلى الله عليه و سلم وصوب في البصر فقال النبي صلى الله عليه و سلم : البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم
ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون)
اقول
قال التوحيدي في البصائر يقال: صعد فيه البصر وصوب، فيكون احكمها وارجحها هو لفظ احمد في الورع (قلت يا رسول الله اخبرني
ما يحل لي وما يحرم علي قال فصعد النبي صللى الله عليه وسلم البصر فيّ وصوب فقال النبي
صلى الله عليه و سلم البر ما سكنت اليه النفس واطمأن اليه القلب والاثم مالم تسكن اليه
النفس ولم يطمئن اليه القلب وان افتاك المفتون) وان قاربه لفظ ابن الاعرابي الا ان
لفظ (الورع) اكثر مطابقة لعرف الكلام بتقديم المفعول على الظرف.
حكم
الحديث متنيا بحسب منهج العرض: الحديث صحيح بلفظ كتاب الورع.
5-
حديث
(سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : ما الإثم ؟ قال : « ما حاك في صدرك فدعه » . قال
: فما الإيمان ؟ قال : « إذا ساءتك سيئتك ، وسرتك حسنتك فأنت مؤمن »)
قال
الريس: ( وكذا ما ثبت عند احمد عن ابي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما سئل عن الاثم قال ( ما حاك في نفسك وان
افتاك المفتون ) تعليق: ولم اجده بهذا اللفظ لا عند احمد ولا خارجه ، كما ان ما في
احمد هو ان رجلا سال لكن اخرج الحاكم سؤال ابي امامة في احد لفظيه من غير طريق
احمد وصححه الذهبي قال (محمد بن صالح ... عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول
الله ما الإثم ؟ قال : إذا حاك في صدرك شيء فدعه) لكن في المستدرك بطريق الى
احمد وفي المسند ان رجلا سال رسول الله .
وهنا لفظه:
المستدرك
: أبو بكر بن إسحاق الفقيه ... عبد الله بن أحمد بن حنبل .. عن أبي أمامة : أن رجلا
سأل النبي صلى الله عليه و سلم : ما الإيمان ؟ قال : إذا سرتك حسنتك و ساءتك سيئتك فأنت مؤمن قال : يا
رسول الله ما الإثم ؟ قال : إذا حاك في صدرك شيء فدعه)
المستدرك:
محمد بن صالح بن هانئ ... عن أبي أمامة ، رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ما
الإثم ؟ قال : « إذا حاك في صدرك شيء فدعه »
مسند
احمد : إِسْمَاعِيلُ .. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ
مَا الْإِيمَانُ قَالَ إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ فَأَنْتَ
مُؤْمِنٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْإِثْمُ قَالَ إِذَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ
شَيْءٌ فَدَعْهُ)
مسسند
ابن المبارك : زيد بن سلام ، عن جده ، قال : سمعت أبا أمامة ، يقول : سأل رجل النبي
صلى الله عليه وسلم : ما الإثم ؟ قال : « ما حاك في صدرك فدعه » . قال : فما الإيمان
؟ قال : « إذا ساءتك سيئتك ، وسرتك حسنتك فأنت مؤمن »
المعجم
الكبير (إسحاق بن إبراهيم ..عن أبي أمامة قال : قال رجل : ما الإثم يا رسول الله ؟
قال : ما حاك في صدرك فدعه : قال : فما الإيمان ؟ قال : من ساءته سيئته وسرته حسنته
فهو مؤمن
مصنف
عبد الرزاق ... عن أبي أمامة قال قال رجل ما الإثم يا رسول الله قال ما حاك في صدرك
فدعه قال فما الإيمان قال من ساءته سيئاته وسرته حسنته فهو مؤمن)
مجمع
معمر : ... عن أبي أمامة ، قال : قال رجل : ما الإثم يا رسول الله ؟ قال : « ما حاك
في صدرك فدعه » ، قال : فما الإيمان ؟ قال : « من ساءته سيئاته ، وسرته حسنته ، فهو
مؤمن »
الزهد
لابن المبارك .. عن أبي أمامة ، قال : قال رجل : ما الإثم يا رسول الله ؟ قال : « ما
حاك في صدرك فدعه » ، قال : فما الإيمان ؟ قال : « من ساءته سيئاته ، وسرته حسنته ،
فهو مؤمن »
الروياني
: عن أبي سلام قال : سمعت أبا أمامة يقول : سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : ما
الإثم ؟ ، قال : « ما حاك في صدرك فدعه » ، قال : فما الإيمان ؟ قال : « إذا ساءتك
سيئاتك ، وسرتك حسناتك فأنت مؤمن »
المعجم
الاوسط : عن أبي سلام ، عن أبي أمامة قال : قال رجل : ما الإثم يا رسول الله ؟ قال
: « الإثم ما حك في صدرك ، فدعه »
شعب
الايمان: ممطور عن أبي أمامة : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما الإيمان
قال : إذا ساءتك سيئاتك وسرتك حسناتك فأنت مؤمن قال : فما الإثم قال : إذا حك في صدرك
شيء فدعه وفي رواية مسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سأله رجل فقال : يا رسول
الله ما الإيمان قال : إذا سرتك حسنك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن قال : يا رسول الله ما
الإثم قال : إذا حك في صدرك شيء فدعه. يقصد مسلم بن ابراهيم فان اللفظ الاول لابي
عامر.
اقول
من الجائز ان يعبر الرجل بالغائب عن نفسه فيقول سال رجل و يريد نفسه لكنه خلاف الاصلب
و على كل حال هنا تعدد لطفي وحاك اكثر تعبيرا
عن الاضطرار و الترك من حك فيكون ( حاك ) هو الامتعين. واللفظ المتقدم بحسب طريقة العروف
هو السؤال على الجزئي الابتلائي الخارجي وهو الاثم قبل الايمان و التحذير يكون بالمخاطب
ثم الكلام يتشاكل هكذا و لان السؤال عن الاثم فهو يحدث عن الغائب فيكون لفظ مسند ابن
المبارك بفظ ( سأل رجل النبي صلى الله عليه
وسلم : ما الإثم ؟ قال : « ما حاك في صدرك فدعه » . قال : فما الإيمان ؟ قال : « إذا
ساءتك سيئتك ، وسرتك حسنتك فأنت مؤمن ) هو المتعين.
حكم
الحديث متنيا بحسب منهج العرض: الحديث صحيح بلفظ مسند ابن المبارك.
6-
قول
ابن مسعود ( إن الإثم حواز القلوب فما حز في قلب أحدكم شيء فليدعه.)
قال
الريس ( وكذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله
عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الاثم
حوّاز القلوب) تعليق: الحق انه موقوف فلا يكون حديثا شرعيا لانه من باب الحكمة
والتجربة فلا يستفاد اسناده الى الولي منه. فيكون فائدة واستفادة متفرعة من السنة
وهو معرفة تفرعية تبحث في القسم الثاني.
القسم
الثاني: البحث الفرعي ( الفوائد)
1- قول ابن مسعود ( إن الإثم حواز القلوب فما
حز في قلب أحدكم شيء فليدعه.)
قال
الريس ( وكذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله
عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الاثم
حوّاز القلوب) تعليق: الحق انه موقوف فلا يكون حديثا شرعيا لانه من باب الحكمة والتجربة
فلا يستفاد اسناده الى الولي منه. فيكون فائدة واستفادة متفرعة من السنة وهو معرفة
تفرعية . والحواز بتخفيف الواو ما له حز و اثر بمعنى الضيق والتردد وهو في ما يقابل
الانشراح و الطمانينة مثل حاك . وجاء
بتعدد لفظي.
المعجم
الكبير: محمد بن النضر الأزدي .. عبد الله قال : إن الإثم حواز القلوب فما حز في قلب
أحدكم شيء فليدعه.
شعب
الايمان: أبو عبد الله الحافظ .... قال عبد الله : الإثم جواز القلوب فإذا حز في قلب
أحدكم شيئا فليدعه.
اقول
قد بينت في كتب منهج العرض ان الحديث هو ما ينتهي الى الولي من نبي او وصي صلوات الله
عليها، لذلك فيكون كلام غيره المشتمل على بعد شرعي بانه تفرع. ولاشتمال كلام اين مسعود
على مفردات ( الاثم ، فليدعه) فانه بلا ريب يريد به البعد الشرعي فيكون الحكم فيها
حكم في معرفة شرعية. ولغظ الحديث متعدد والفرق
بوجود (انّ) في أحدهما وهو أرجح لان المقام تحذير فيكون لفظ الطبراني هو المتعين.
خلاصة
فائدة ابن مسعود: ما يحز في القلب اثم فدعه.
حكم
الفائدة متنيا بحسب منهج العرض: فائدة صحيحة بلفظ الطبراني في المعجم الكبير.
ثانيا:
قوله ( يقال ) الظاهر يعني انه ينبغي ان يقال و ليس المعنى ( يقال) أي قال البعض. وقوله
(وقد احتج بهذا ابن رجب وقد احتج بهذا الامام
احمد رحمه الله تعالى) يبدو لي انه اراد الامام احمد فتوهم وابن رجب صرح باحتجاج
احمد وقوله ( ثبت عند احمد ) يظهر لي انه يعني ب ( عنده ) أي روايته و ليس رايه أي
ثبت برواية احمد ، مع انني ارى ان الاصل
صحة الحديث عند من يرويه الا اذا ثبت العكس لكن المشهور لا يرون ذلك. و ثانيا: قوله
( صلى الله عليه وسلم ) ينبغي ان تكون بصيغة ( صلى الله عليه واله وسلم ) لانها السنة.
ثالثا:
قال الريس (...يصح الرجوع الى القلب من باب الاعتضاد؛ الاعتماد او من باب الترجيح بين
دلالة ادلة لم يظهر فيها الراجح فانه يرجع للقلب لترجيح احد الكفتين بدلالة ما تقدم
من ادلة .... ينبغي ان يلاحظ في ذلك قيود و شروط الامر الاول الا يكون الدليل من الكتاب و السنة ظاهرا ولا بينا
.... الامر الثاني انه لا يرجع الى أي قلب
بل الى قلب منور بالعلم و الايمان والطاعة فيرجع الى قلب رجل صاحب علم وتقوى
وطاعة ومعرفة دينية ) تعليق: الحديث ملتفت
الى طاعة الله ورسوله فجر الحديث الى ساحة الادلة لا مجال له، والكلام كله في فتوى
المفتي و المفتي هي غير النبي والوصي، والمراد نفي التسليم للمفتي وان كل ما يقوله
يعرض على الوجدان، وهذا يعني معاملة الفتوى معاملة النقل ، أي ان الاصل في الفتوى
الظن حتى يكون لها شاهد ومصدق من الوجدان فان كان لها شاهد ومصدق من الوجدان
الشرعي عند المسلم عمل بها و الا لم يعمل بها، والقلب هنا قلب المسلم أي مسلم ولا
يشترط فيه أي شرط زائد لان الدليل مطلق ولان المعرفة لا تشترط ذلك. وهذا الحديث
يقع في خانة ادلة عرض المعارف على القران والسنة، لان قلب المسلم منور بالقران و
السنة بالقدر الراسخ الظاهر لكل مسلم. فالحديث يدعو الى عرض كل معرفة على ما هو
راسخ وصابت في الوجدان من القران والسنة ولهذا نحن عرضنا قول ابن مسعود و قول الريس
على الوجدان الشرعي فكانت فائدة ابن مسعود مصدقة و كانت فائدة الريس فيها حز
وحكاكة و عدم انشراح.
خلاصة
فائدة الريس: ( ان العرض على القلب للادلة و الفتاوى بالاعتضاد وبشروط هي عدم
رجحان الادلة وان يكون القلب لمتق ورع)
حكم
فائدة الريس متنيا بحسب منهج العرض: فائدة معتلة.
الاثنين، 30 مارس 2020
صفات المعلم و المعلم الحاكم
عرفت ان العلم يتحصل من النص لمن اجاد اللغة وعرف اصول الشريعة الاساسية وهو متيسر لكل مسلم وفي حال قصور فانه يستعين بمن يجيد ذلك وهذا هو المطلوب في معلم الشريعة ولا شيء اخر، وبينت في محله ان فتوى المفتي هي تفريع للسنة ومعنى له فترجع اليها فالرجوع هو الى السنة و ليس الى المعلم، فيجوز اخذ العلم من كل معلم اجاد العربية وفهم النص.اما حكم المسلمين عند غياب الولي فانه لا بد ان يكون الاقرب في الصفات من الولي. وقد حصل خلط في هذا الشرط وفي شرط المعلم فجعلت شروط الحاكم الى شروط المعلم بينما المعلم لا يشترط فيه الا المعرفة بالنص وهي ممكنة لكل انسان، ومن هنا فلدينا صنفان من المعلمين في الاسلام المعلم المطلق وهو كل من يجيد اللغة وفهم النص و المعلم الحكم وهو بالاصل الولي من نبي او وصي و في حال غيبتهما يكون العالم الاقرب لهما بالصفات ما امكن ولا بد في حكم المعلم من اجتماع وليس بتفرد ولا استحقاق نفسي بل هو اجتماع وهو بالشورى فهناك فرق بين استحقاق الحكم وبين تولي الحكم ويصدق هذا امور عقلائية وعرفية كثيرة.
الاعتصام الفردي والاعتصام الجمعي
لا
ريب في ان الرجوع في المعرفة الى القران والسنة كفيل بعصمة المعرفة، الا انه وبسبب
العوامل الفردية قد يحصل اخفاق في معرفة الحق، ومن هناك يظهر الاختلاف وهو اختلاف
غير شرعي ناتج عن عدم صحة المعرفة و عدم اعتصامها، و هناك طرق علاجية وهي
التعاونية المعرفية واهم اشكالها و الاتفاق على الاسس و الانطلاق منها نحو التكامل
بالرجوع والاحتكام الى القران والسنة، وهذا يحتاج استعدادات عالية ولذلك كان من
المهم وجود جماعة اهل الحق الذين يقودهم من له تأثير في النفوس ومن لا يشك في علمه
فكانت الحاجة الى الوصي وهي نفسها الحاجة الى النبي لاجل هذا البعد الجمعي
للتصحيح، وهناك اشكال كثيرة لتدخل الوصي في التصحيح لكن اظهرها واكملها هو امتلاكه
الحكم والسلطة لان الطبيعة البشرية تحتاج الى هكذا نوع من النظام. فكانت الصورة
الشرعية للحكم هو توحد كرسي العالم و السلطان لان الغرض هو عدم الابتعاد عن
المعارف الحقة، فكان حكم النبي وحكم الوصي، لكن حيتنا لا تضع الامة الوصي في مكانه
لا بد الا يسقط الغرض ولا يتخلى الوصي عن وظيفته التصحيحة، وما يقال خلاف ذلك ليس
له شاهد. ولا ريب ان عدم تولي الوصي للحكم هو خسارة كبيرة في التصحيح الاجتماعي
والتعليم التام الا انه حينما لا يكون ذلك لا بد ان يبقى الاتصال موجودا بالوصي
وان من المعارف المصدقة والتي لها شاهد هو بلوغ اقصى درجات التكامل في جانبي التعليم
و الادارة ولان الادارة فرع التعليم فيكون المتعين هو بلوغ اقثصى درجات التكامل
المكنة في جهة التعليم أي في الحاكم والذي حينما يحتاج الى معرفة غير شريعة يستعين
بتحديد موضوعاتها الجزئية لردها الى العام الشرعي. ومن هنا يتبين ان كرسي الحاكم
للمسلمين في زمن غيبة الوصي هو للاقرب الى الولي في الصفات.
النقل الفرعي المعنوي للسنة
وسواء
نقل الناقل النص او معناه فهو نقل للمعرفة الشرعية ولا ريب ولا اشكال في جواز
اعتمادها وهذا ما يسمى تقليدا في عصرنا وهو ليس تقليدا بل هو تعلم، فانت تعلمت
المعرفة الشرعية معنى من المفتي الذي دلت القرائن عندك ان قوله مأخوذ من القرائن و
السنة و ينتهي اليها، والقرائن هو نسبته بحسب علمه الى القران و السنة و وجود شاهد
منهما عليه، ومن هنا ففتوى المفتي المنسوبة الى الشرع اذا كان لها شاهد ومصدق من المعارف
الثابتة فهي معرفة شرعية وهي ترجع الى السنة بالمعنى وانت حينما تأخذ بقول المفتي
في مسالة غير مذكورة بنص اصلي فانت تأخذ بالسنة لكن بالمعنى والتفريع ولا ريبا انه علم وشرع كما انك اذا علم
التفريع وعلمت العام الذي ينطبق على المسالة فرعت بلا اشكال ونسيته الى السنة بالتفريع
والمعنى وهو علم وشرع واذا تضيق الوقت عليك ولم يحضرك النص وجب الاستعانة بالغير
لمعرفة الفرع. ففتوى المفتي التفريعية نقل للسنة بالتفريع و المعنى ولا تختلف عن
نقل السنة باللفظ والاصل. واذا اختلف التفريع كان العلم والمعرفة فيما كان له شاهد
ومصدق من القران والسنة، ولا يقال انه يمكن ان تتعدد المعرفة التي لها شاهد لان
الاصول المعرفية في الشريعة تمنع هذا التعدد لوجود التعيين بالخصائص التي لا
تتساوى فيها المضامين حتما. ان الكشف المعرفي للاصول الشرعية عن الاتصال و
الانتماء المعرفي في غاية الكفاءة والماتناة والتقليل منه لا يصدر من مؤمن عارف
بدين الله حق معرفته.
افرادية المعارف الشرعية والاستفادة منها
وهذه
تتصف بخصائص انسانية وخصائص شرعية. واساسية المعرفة الشرعية وبنائيتها هو من جهة
الانتماء و التميز وليس من جهة الاسفادة و الانتاج فان اجتماع المعارف الشرعية في
كلي الشريعة تجمع افراد مستقلة في التأثير وان تشابهت بالغاية فهو اجتماع افرادي كل
فرد يستقل بالتاثير، وليس مجموعيا بحيث لا تاثير للفرد الا بوجود الجميع لا من حيث
الافادة الدليلبة ولا من حيث الامتثال العملي و التحقق العقائدي العلمي. ولان
مقدمات الاستفادة عرفية عقلائية واضحة ومتيسرة لكل احد فان اكتساب كل معرفة يحقق
تاثيرها الشرعي مباشرة وفورا دون انتظار اكتساب معرفة اخرى. وهذا الافرادية مهمة
جدا حتى في الامتثال فان من يمتثل عملا يحقق نتيجته الامتثالية وان لم يمتثل اخر
كما ان امتثال عمل لا يعني امتثال اخر بل يبقى الاخر بلا امتثال وهو كله موافق
للرحمة والعدالة. وهذه الوجدانية البسيطة في معرفة الشريعة و تحقيق غايتها من
الواضحات التي جعلت الاختصاصية و الكتلية و المجموعية منها امورا معقدة و غير
واضحة، بسب اعتبار مقدمات غير عرفية ولا عقلائية وجدانية في تحصيل الاستفادة من
المعرفة.
المنهج المتني واصالة صدق المسلم والمنهج السندي وظنية السند الصحيح
النقل
الشرعي نقل عرفي عقلائي فطري يعتمد في ثبوته ودلالته على الوجدان والعرف وطريقة
العقلاء في الاثبات نقلا ودلالة، ولذلك اعتمدت القرائن في اثباته بسبب المسافة
بيان المبلغ و المتلقي. ولحقيقة ان
المعارف الشرعية معارف متميزة وذات صبغة متميزة ولها توصيفات وخصائص فان النسبة
اليها لا بد ان تكون بصورة خصائصية و انتمائية وتشابهية وتماثيلة، وهذا هو جوهر
الاصطلاح ىالشرعية و تميزه الانسانية بانه ذا صورة وخصائص و تميزات معرفية خاصة
تعرف بالتشابه وعدم الاختلاف والتصديق. والنقل الاصل فيه الظن ، عرفا و عقلا، وليس
الشك كما يعتقد، وهناك اضافة اخرى وهي تقديم السلامة والصدق في خبر المسلم لاجل
الانتمائية والولائية، وهذا الاصل يعطي خبره درجة ظنية اكبر ولا يحقق علميته كما
يتصور البعض وجعل ان الاصل الصحة، بل الاصل هو تصديق المسلم في نقله أي عدم الشك
فيه و اعطائه درجة ظن اقوى لان اصالة صحة خبر المسلم وقبوله سواء مطالق او مع عدم
المانع بلا شاهد او مصدق، ومن هنا فمع هذه الظنية فان وجود شاهد من المعارف
الثابتة يثبت علمية خبر المسلم وهكذا خبر غيره مع الشاهد الواضح فيكون الخبر صحيحا
وهذه هي الصحة المتنية. وهذا هو المنهج المتني في قبول الخبر واما المنهج السندي
فوضع شروطا في الناقل كما انه قبل النقل بتلك الشروط النقلية السندية مع عدم
اعتبار وجود شاهد معرفي، وان عدم الشاهد تسبب في انقطاع الاتصال المعرفي ودخول
الظن في العلم لان النقل مهما قوي اذا لم يستقل بنفسه يبقى ظنا، والنقل الظني اذا
لم يجد شاهدا متنيا لا يحقق العلم.
المعارف الشرعية الاساسية و المعارف البنائية
ارتكاز
المعارف الشرعية على النقل، ومع ان الحقيقة الشرعية الراسخة تتباين قليلا مع
المنقول نفسه الا انها بشكل عام ترجع اليه. ومن النقل ما يستقل بنفس النقل في
اثبات معرفته وهو ما كان بنقل يعلم به انه روح الشريعة واصلها، و اما غير ذلك فهو
يعرف بانتمائه ورجوعه الى تلك المعارف حتى لو كان بنقل قطعي. وهذا شيء مهم جدا ،
بالتنبيه على ان النقل القطعي منه محوري اساسي ومنه انتمائي، والاخير يعرف بالرد و
الاتصال و التصديق و الشاهد بخلاف الاول، مع ان الاول يكون شاهده الفطرة والوجدان
و العمق الانساني. اذن فكل الشريعة لها مراجع وانتماءات و شواهد ومصدقات، فالاساسي
المحوري يصدقه الوجدان والعقل و الفطرة والعمق الانساني وهي الاصول الانسانية، لذلك
يحقق الايمان والانتمائي التفرعي من المحور يعرف بالتصديق والشاهد من الاصول
الانساني و الاصول الشرعية. ومن هنا فالمعرفة الشرعية قسمان الاول المحوري الاساسي
وهذا يتصف بخصائص انسانية و يعرف بشرعيته بنفسه، بالايمان بالنبي صلى الله عليه
واله وتصديق قوله. والقسم الثاني المعارف الانتمائية التفرعية التابعة للاصول و
الاسس فهي كالبناء فوق الاسس، وهذه تتصف بخصائص انسانية وخصائص شرعية.
المنهج العامي في الفهم الشرعي و التعليم الشرعي
النص
واحد و الاصول الاولية واحدة والطبيعة
البشرية واحد اذن لماذا اختصاصية الفهم؟ و النص لغوي و وفق طريقة اهل اللغة وطريقة
العرف في التفهيم و التوصيل اذا لماذا اختصاصية التعليم؟ والنص الشرعي والفهم
الشرعي بل والمعارف الشرعية وكل ما يتعلق بالشريعة هو راجع الى تلك الاسس الواضحة،
اذن لماذا اختصاصية الفهم و اختصاصية التعليم؟ وقلت ان المعارف الشرعية عامية لان
المصطلح الشرعي ليس مبنيا بطريقة غير شرعية ولا مبينا بطريقة خاصة ولا يحتاج الى
فهمه الى طريقة غير عرفية وغير وجدانية ولذلك فالمصطلح الشرعي عامي. ان المنهج
الذي يدعو الى عامية الفهم الشرعي ويقول بعامية الفهم الشرعي هو المنهج العامي
للفهم الشرعي في قبال المنهج الخاصية للفهم وان المنهج الذي يدعو الى عامية
التعليم الشرعي و يقول بعامية التعليم الشرعي هو المنهج العامي في التعليم الشرعي
في قبال المنهج الخاصية. الشريعة علم لكنها علم عامي عمومي و ليس علما خاصيّا
اختصاصيا.
عامية الاستدلال العلمي و اختصاصيته
في المعارف العامية
الوجدانية ادراك المعرفة يؤدي مباشرة الى التفرع و التحليل والتمكن و امتلاك
التفوق، وهو من جماليات الطبيعة و الحياة ، الا انه في المعارف الاختصاصية فانك
حتى لو اكتسبت المعرفة و اطلعت على الحقيقة فانك لا تتفوق و لا تمتلك اضافة
انتاجية ولا تتمكن من التحليل المضبوط في العلم الا بعد مرحلة. ان الاطلاع على
عناصر الادراك هو المادة الاولية للمعرفة وهي بمثابة الادلة في العلوم و في
الشريعة تتمثل بالنص اي القران و السنة، ومن الواضح ان المسلم يمكنه باي اية
يعرفها او حديث يعرفه يمكنه العمل به و الاعتماد عليه لان هذا هو لازم تعلمه و
الاطلاع عليه ومعرفته، اي انه يستدل بما عرف على ما يعمل او يعتقد ، بشرط التناسق
والتوافق، فالاستدلال طبيعي مباشرة لا يتأخر ولا يتخلف عن معرفة الدليل اي معرفة
اية او رواية فاذا عرف اية او رواية استدل بها على عقيدة او عمل لكن ما حصل في الجهة الاختصاصية التي حولت
الدين و الشريعة الى اختصاص لا بد فيه من
امتلاك مقدمات خاصة وخاصة جدا بعيدة عن اذهان العرف و خبراتهم و تحتاج الى تفرغ بل
والى مستويات عقلية معينة للنجاح في ضبطها منها اصول الفقه و الجرح و التعديل فمن
لا يعرف هذه العلوم الخاصة جدا و المدرسية و التتلمذية جدا فانه لا يمكنه ان يستدل
باية على عقيدة او عملا و لا بحديث على عقيدة او عمل. وهذا اخطر شيء حصل في تاريخ
الشريعة وفهم النص الشرعي.
الأحد، 29 مارس 2020
التعليم المعرفي الايماني و التعليم الجهلي الانكاري
التعليم
اما ان يتجه من الايمان والتسليم ومخاطبة عارف او الانكار والاقناع ومخااطبة جاهل ، و التاليفات العلمية اغلبها
حسب المنهج الثاني لكن الصحيح هو الاول وعلى هذا المنهج كان تاليف هذا الكتاب. فالتعليم الانكاري
الاقناعي تأجيلي أي الذي لا يعطي ثمرة الاكتساب الا بعد تمام المعرفة الجامعة هو ان
يبدأ بمعرفا النقل ثم الفهم الحاكم عليه ثم بمعارف العلم الحاكمة على الفهم ثم بمعارف
الحق الحاكمة على العلم وهو ناتج عن منطقية النكار والاقناع وهذا المنهج الـتأجيلي
الصعودي للتعلم هو احد اسباب الاختلاف وظهور المذاهب، والمنهج الصحيح هو المنهج التسليمي النزولي للتعلم بان يعطي ارسخ المعارف ثم يتفرع وهو ناتج عن منطقية الايمان و التسليم
ومل ينبغي في معارف الشرع هو المنهج التعليمي الايماني التسليمي النزولي التطويري.من
الواضح جدا أنك حينما تدرك حالة فأنك تستجيب لها بمعنى انها تحقق عندك علما وتحقق
عندك فعلا. وحينما يكون هناك مفاهيم معينة واعمال خاصة، فأنك وبفعل انتاجية
المعرفة تعمل بما علمت حتى تتكامل الصورة والمفهوم ولو أنك مت وقد عملت بما علمت
فانه يكفي. فالعقائد والفرائض ينبغي ان
تعلم بشكل اساسي ثم المسائل التفصيلية هي تأتي وحدها بهذه الطريقة يحصل العلم
التطويري ولذلك فان كل واجب عملي او كل عقيدة شرعية يكفي فيها نص أصل، ثم في جزء
اخر يحصل تفصيل أكثر ثم في جزء اخر يحصل تفصيل أكثر هكذا هي الطريقة السليمة
للاكتساب والمعرفة. وهذا ما ينبغي على المعلمين ان يفعلوه. ما حصل في المنهج
الاختصاصي و الكتلي هو تدوين المعارف التفصيلية والدقيقة الخاصة بالمسائل في مكان
واحد بل ودراستها ايضا وعلى المتعلم ان يتابع ولا يحصل على ثمرة انتاجية حتى يكمل كتابا
كامل في مسالة هي لا تحتاج الا الى معرفة بسيطة كأصل. وصار من غير الممكن الخروج
بثمرة واستفادة الا ان تجمع جميع التفاصيل عن المسالة الواقعية والفرضية ولا بد ان
تحيط بها ككل والا فانه سيكون لديك نقص لا يجوز لك العمل بما علمت. هذا غلو وافراط
في المعلومات. وأدى الى ان تصبح العلوم الشرعية سواء من جهة التفسير او الروايات
اشياء لا يمكن احصاؤها بل صارت حالة عجز عن الاحاطة بها وظهرت دعوات الاختصاصات
الشرعية الداخلية. وهذا من الغرائب.
اجتماعية العلم ومدرسية العلم
ان
الوجدان و الفطرة قائمة على نمو القدرة مع كل مقدار اكتساب معرفي وهذه هي خاصية
المعارف العامة فهي اجتماعية اختلاطيه ومن الواضح ان الشريعة من هذا النوع فكل اية
او حديث تعرفه يحقق عندك علما و قدرة على الفعل، اما المعارف الخاصة الاختصاصية
فان القدرة و التطور يتاخر عن لحظة الاكتساب بل يحتاج الى مجموعة من التعاليم و المعارف
ربما تحتاج الى وقت طويلة وهذه هي المدرسية . فالمعرفة المدرسية لا تمكن المتعلم
من القدرة الا بعد عبور مرحلة معينة من المعرفة والتتلمذ، وهذا لا يوجد في المعارف
العامة بل ان المتعلم يمتلك القدرة بكل معلومة يكتسبها ضمن وجوده الاجتماعي
الطبيعي و مخالطته العالم مخالطة اجتماعية فلا يحتاج الى التفرغ المدرسي بل يكفي
مجرد الاختلاط و الاجتماع ولا يحتاج الى مراحل ومن الواضح ان الشريعة هو من هذا
النوع الا ان ادخال الاختصاصية في علم الشريعة حوله الى تتلمذ و مدرسية.واحتاج الى
تفرغ وتفرغ طويلة مخالف للاجتماعية والاختلاطية فصار المختصون خاصون لانه ليس كل
الناس يتفرغ و يتتلمذ.
عامية التعليم و اختصاصيته
في المعارف العامة القدرة على التحليل والرد و
الاذعان و الاكتساب و الاستفادة و الاعتقاد و العمل بما يعرف يتحقق بشكل فوري لا
يتخلف عن اكتساب المعرفة أي معطياتها وعناصرها الخارجية، لان التحليل العقلي ملازم
للإدراك العقلي، ولذلك فالقدرات تتطور بكل لحظة اكتساب وتنتج فورا فيكون من التعلم
العام أي الذي لا يحتاج الى اسلوب خاص بل هو ضمن الحياة و طبيعتها و ضمن الممارسات
فلا يحتاج الى مقدمات خاصة و لا الى مدرسية خاصة ولا الى مرحلية ولا الى استدلال
خاص ولا تأخر القدرة الانتاجية بعد الاكتساب. وهذا كله يؤدي الى عامية المعرفة كما
هي التي عيلها حياتنا فنحن نتعلم من الحياة بالاختلاط و الاجتماع دون تفرغ او
انقطاع لبل ضمن عيشنا و ممارسة اعملنا، التعليم الديني يكفي فيه ذلك لان مصادره
وادلته معرفية عامية تمكن من الانتاج بمجرد الاكتساب فيبني عقيدة على اية و يبني
علما على حديث، ولا يتأخر العمل والعلم عن معرفة الآية او الرواية فمتى ما اخذها
عمل بها فكفى في ذلك الاختلاط و الاجتماع من دون دراع للتفرغ و الانقطاع، ما حصل
في المنهج الاختصاصي انه حول التعليم الديني الشرعي الى حالة من التفرغ و الانقطاع
و الاجهاد و وصار مثل العلوم الاختصاصي الاخرى و اخرج من عاميته. لكن الحقيقة ان علم
الشريعة الذي في مدينة و بينه بين مدينة و بينه مسافة يكفي فيه ان يذهب شخص فيتعلم
او ياتي شخص متعلم فيعلم الناس وهو بينهم
ومعهم يعيش بينهم من دون ان ينعزل او يفتح مدرسة او مؤسسة او أي شكل من تلك
الاشكال كما ان على الناس كلهم ان يتعلموا منه لان التعليم الشرعي عامي ، لكن ما
حصل قطعت هذه السلسة فصار العالم يعلم طالبا علما تخصصيا لا يتمكن الطالب من
امتلاك أي قدرة الا بعد سنوات طويلة من التفرغ و الانقطاع فأما ان يتمكن او لا
يتمكن من العمل بعلمه لا يتناسب مع توجه الخطاب الشرعي الى كل احد.
عامية المصطلح واختصاصيته
في
الحقيقة وضع الاسم للمسمى هو شكل من الاصطلاح، وما هو واضح في وجداننا ان الاسم
يحتاج الى مسمى ولا يخطر بالبال اسم مع عدم مسمى فالكلمات الاصلية في المعنى دائما
تكون متأخرة عن المعنى لكن بعد ان يتحدد المعنى لاسم يمكن للعقل الاشتقاق منه.
ويوضع الاسم ليكون علامة على المعنى لكي يحصل توصيل الفكرة من خلاله ، فالبعد للتسمية
تخاطبي و التخاطبية تعني الاصطلاح، أي التواضع على وضع اسم او علامة للاشارة الى
معنى، وبهذا البيان يتبين وضوح اصطلاحية الاسماء و مفاهيمية المعاني، فالمعاني
كلها مصطلحات ولذلك في غير المشتقات اللفظية فان معرفة المعنى الاصلي من اللفظ يحتاج
الى تعلم ولو بالاستعمال فلا يشترط تعليم الوضع. وهناك مفاهيم ظاهرة جدا للعرف
يستعملها دون تكلف ولا اختصاص بجهة فهي مفاهيم عامة والفاظها هي مصطلحات عامة،
فالمصطلحات العامة لا توجب الاختصاص ولا تخرج الخطاب من وجدانيته وعرفيته وعاميته.
لكن هناك مفاهيم خاصة وبعضها دقيق وبعضها تمييزه يحتاج الى مقدمات وشروح وهذا هو
المصطلح التخصصي وهو الذي يخرج الخطاب من عمومه الى الخصوصية.
عامية التعبير واختصاصية التعبير
هناك
خلط بين العلم والاختصاص، فالعلم اعم من الاختصاص فانه يمكن ان يكون العلم
اختصاصيا ويمكن ان يكون عاميا فالعلم هو نظام متناسق متميز من المعارف أي المفاهيم،
ويعتمد عمومه وخصوصه على طريقة بيانه فان كان البيان بطريقة عرفية وجدانية كان
العلم عاميا كما هو الشرع وان كان البيان بطريقة خاصة لا يتقنها الا مختص فهو علم
اختصاصي. والتعبير الخاص سببه وضع منهجية خاصة للتعبير وطريقة من تنظيم المصطلحات واستعمال
مصطلحات خاصة دقيقة، وهذا هو جوهر الخصوصية التي تحتاج الى بيانات مطولة، فالتعبير
الخاص هو تعبير بألفاظ تحتاج الى بيانات مطولة. وبينما كان الخطاب الشرعي عاميا
وهو دليل المعرفة الشرعية ومعتمد على وجدانيات الفهم والاستفادة في العلم والعمل،
فان المنهج الاختصاصي ادخل مصطلحات ومفاهيم صارت حاجزا بين الوجداني والعرفي
والعادي والطبيعي وبين الاستفادة، وفي الحقيقة هذه المفاهيم والمصطلحات الجديدة لا
تلغي الاستفادة الا انها تسلبها شرعيتها بحجة العلم.
السبت، 28 مارس 2020
التفسير الدلالي والتفسير الاستدلالي
لاجل كل ما تقدم كان هذا التفسير محاولة في التفسير المعرفي
برد وعرض كل بيان او توضيح تفسيري هنا على الثابت من معارف القران والسنة وان يكون
لها شاهد ومصدق منهما. وان يكون النقل والفهم علميين كما اسلفت. فهذا تفسير معرفي مستند الى الاصول اللغوية الوجدانية
العامة ومراع للجهات التخاطبية المتعارفة العقلانية والواقعية وموافقا للمعارف
الشرعية الثابتة وله شاهد ومصدق منها.
ان التفسير احيانا يكون مختصرا بذكر الدلالة النهائية
التفسيرية فقط وأحيانا يكون معه بيان وشرح لوجه الدلالة والاول هو التفسير الدلالي
والثاني هو التفسير الاستدلالي المطول. كما ان التفسير الدلالي قد يكون تفسيرا للضروري
وفق العصر والذي يحتاجه الغالب من الناس لمفاهيم او التعابير غير المألوفة وهو
التفسير الدلالي المختصر وقد يكون بتوسع في مواضع البيان والتي قد يتفاوت الناس في
فهمها اي على ابسط عارف باللغة وهو التفسير الدلالي المتوسط. وهذا التفسير ستعرف
انه مختصر بل مختصر جدا فان المعاني التي تعرف من اللغة او التي تعرف بالشرع عند
الغالب لم اتعرض لها فهو تفسير دلالي مختصر للغريب من التعبير.
علم النقل وعلم الفهم
الدلالة اللغوية للنص احيانا قد تكون اوسع من الدلالة التخاطبية
لان التخاطبية عملية وظيفية لا تقبل التعدد بل تفترض دلالة واحدة بينت المخاطب والمخاطب
ومخالفة ذلك يعد خللا تخاطبيا. فلا بد لاجل فهم علمي من احراز كون الفهم تخاطبيا
وليس لغويا فقط. كما ان الاصطلاحات
الشرعية قائمة على النقل فلا بد لاجل علم بالنقل العلم بصحة النسبة اي الصدور وليس
مجرد ادعاء نسبة. والعلم بالجهتين شرط في شرعية المعرفة لانه لا ظن في الشرع ولا
اعتبار بغير العلم، ومن هنا فللعلم بمعرفية المعرفة اي شرعيتها واتصالها لا بد من
احراز امرين من جهتين مختلفتين؛ اولا ان يكون الفهم معرفيا وليس لغويا فقطا، وهو
الفهم الذي يكون بأصول اللغة ومراجعها ويكون مرتكز الى معهودات الخطاب وما تعارف
بين المتخاطبين من معارف ثابتة اي له شاهد من المعارف الثابتة من القران والسنة. وقد
يعتقد ان هذا الفهم معقد والواقع ليس كذلك بل هذا هو الفهم الفطري الوجداني
السليم، والذي يفهمه كل من يجيد اللغة ويعرف الثوابت الاسلامية. وهذا شيء متحقق في
ابسط مسلم يدرك ويعي ما هو اساسي من اللغة والدين. والامر الثاني هو العلم بالنقل
وقد بينته مفصلا في مباحث منهج العرض لإثبات صحة النقل وان الصحيح هو معلوم الصدور
والعلم اما بالقطع او بالاطمئنان بموافقة المنقول للمعارف الثابتة من القران والسنة.
التفسير المعرفي والتفسير اللامعرفي
قد بينت في مباحث فهم النص الشرعي ان النص الشرعي نص تخاطبي
والنص التخاطبي يجب ان يفهم وفق بيئة فهمه وليس وفق اللغة او وفق علوم اخرى. وبيئة
النص الشرعي هو الوجدان العقلائي ومنه اللغوي والمعارف الشرعية، والمعارف الشرعية
هو ما يثبت من معارف القران والسنة. هذا المعارف متناسقة متسقة متوافقة لا تقبل
بالاختلاف او التناقض او الارباك او التشويش فلا اذعان الا لما يكون متصلا معها
معرفيا ويشبهها توجه وغاية وهذا هو الحص المعرفي للشريعة في واقع الامر، وهذه هي
معرفية المعرفية اي اتصالها بما يناسبها، وهذا الشرط او الصفة للشرع هو صفة
عقلائية فطرية وجدانية وليس فقط شرعية اصطلاحية جاءت بالنص الشرعي بانه يصدق بعضه
بعضا وانه لا اختلاف فيه وان ما وفق القران يؤخذ به وما خالفه لا يؤخذ به.
ان معرفة المعرفة واتصالها بما يشابهها ويوفقها شرط عقلائي
للاذعان و القبول وعليه جاء النص، وعدم الاعتناء بذلك و الاكتفاء بقرائن غير احراز
التوافق و التناسق و التصديق تكون المعرفة غير معرفة من هذه الجهة و يكون التفسير
للقران بحسب هكذا منهج وهو السائد تفسيرا لا معرفيا، ليس لانه بلا معرفة بل لانه
لم يعتمد تعريف المعرفة من حيث التوافق و التناسق و التصديق. والتفسير الذي يعتمد
عرض المعرفة التفسيرية على القران والسنة اي على علمهما الثابت فهو التفسير
المعرفي.
الاحكام المعرفي الاولي والثانوي
احكام النص يعني موافقة دلالته للمعارف الثابتة، وهو اما ان
يكون من الفهم الابتدائي التخاطبي وهذا هو الاحكام الاولي والمحكم هكذا هو المحكم المصطلح
او انه يكون بعد توجيه معرفي بسبب مخالفة ظاهره للمعارف الثابتة وهو التشابه المصطلح
فيرد ويحمل على معنى محكم وهذا هو الاحكام الثانوي، وبذلك يكون جميع آيات القران
محكمة حتى التي تكون متشابه في بداية الفهم. والدلالة الابتدائية هي الدلالة
الاولية بحسب اللغة والتخاطب ومن هنا فلا تعارض بين الانظمة التداخلية الدلالية
التي يجيزها العرف اللغوي لبناء تعابيره كالتخصيص والتقييد وكالاستعمالات البلاغية
من مجاز واساليب اخرى معروفة بالقران. كما ان التعريف المعرفي للمحكم والمتشابه
بان المحكم هو ما وافق ظاهره القران والسنة وتعريف المتشابه بان ما كان ظاهره
مخالفا لهما هو الحق الحقيق في المقام.
التعريف المعرفي للمحكم والمتشابه
حينما يوافق الفهم الابتدائي المعارف الثابتة من الوهلة
الاولى اي بالدلالة الظاهرية للنص بحسب اصول اللغة و التخاطب فانه يكون محكما بالأصل
وابتداء واما اذا كان ظاهر النص لا يوفق المعارف الشرعية الثابتة فانه يكون متشابها،
فيحمل على المعارف الثابتة اي توجه دلالته بالدلالة المحكم وهذا من رد المتشابه
الى المحكم، فتصبح الدلالة النهائية له محكمة وبهذا فجميع آيات القران محكمة حتى
ما تشابه منها اولا، و التشابه هو صفة بملاحظة حال المتلقي، كما انه امر طبيعي
بحقه مع وجود معارف يجب ردها لان العبارات و النصوص اقل من المعارف دوما فيحصل
تداخل تعبيري فيحصل التشابه عند من يضبط اصول الفهم.
الفهم القطعي والفهم الاطمئناني
الفهم المعرفي علم سواء كان نصا ام ظاهرا وسواء كان بالفهم
الاولي ام بالفهم النهائي وسواء كان بذات العبارة ام بفعل قرينة داخلية ام خارجيو،
هذا الفهم إذا كان معرفيا اي وافق المعارف الثابتة فهو علم، وكل فهم من هذا النوع إذا
لم يكن معرفيا اي خالف المعارف الثابتة فهو ظن. فالنص المخالف للمعارف الثابتة ظن
وان كان بنص قطعي الصدور كان متشابه يحمل على المعنى المحكم بلا اشكال، والمحكم بالإحكام
الثانوي بعد توجيه لغوية اسلوبي وتوجيه خطابي توفيقي وتوجيه معرفي ردي وعرضي، فان
هذا الفهم الموافقة بالتالي للمعارف الثابتة هو فهم علمي وليس ظنا. فعلمية الدلالة
وظنيتها ليس من حيث تعدد المعنى واتحاده بل من حيث موافقتها للثابت من معارف، وكلما
كانت الدلالة ذات طريق أقصر للتوافق المعرفي كانت أكثر علمية حتى تبلغ العلم
القطعي، وكلما كانت ذات طريق اطول كانت اقل علما حتى تبلغ العلم الاطمئناني. فالفهم
العلمي القطعي هو الفهم الموافق للثوابت لعملية دلالية قصيرة نسبيا تصل الى حد
التبادر من اللفظ ، اي التوافق المعرفي يتبادر من اللفظ، و الفهم العلمي
الاطمئناني هو الفهم الذي يحتاج الى طريق اطول لتحقيق التوافق المعرفي من حيث
التوجيه الدلالي. ولا بد ان يكون الفهم والتوجيه الدلالي دوما وفق طريقة العقلاء و
عرفهم ووجدانهم.
الفهم الابتدائي والفهم النهائي
ان ظاهر الآيات لا يكون حجة الا ان يكون له شاهد معرفي
ومصدق وهذا ما قصدناه بالتفسير المعرفي. فكل فهم ظاهري سواء كان لغويا وجدانيا عاما
ام اصطلاحيا خاصا مستحدثا في الشرع والوحي فانه لا بد يكون له شاهد ومصدق من
المعارف الثابتة المستفادة من القران والسنة للعمل به واعتماد. ومن هنا فكل فهم نفهمه
ابتداء من الآيات نعرضه على القران والسنة اي المعارفة الثابتة المعلومة الراسخة
في النفوس من القران والسنة، فان وافقها وكان له شاهد منها اخذ به والا حمل على
معنى الثوابت وهو المحكم وهذا هو الفهم النهائي لان الفهم الابتدائي ظن، والظن لا
يصح العمل به، وليكون علما لا بد ان يكون له شاهد ومصدق من المعارف الثابتة المتفق
عليها من القران والسنة. وإننا نقطع ان المعارف الثابتة القطعية فهما تحقق على
حياة رسول الله صلى الله عليه واله بل في بدايات حياته لذلك احتج القران بعدم
الاختلاف ونفى الاختلاف ومنع الاختلاف وامر بالرد الى القران و السنة صريحا و شرع
النبي صلى الله عليه واله العرض على الثوابت و الرد اليها بحديث العرض.
ان الاخذ بالظاهر من دون مراعاة المعارف فهم ظني، ولا يكون
علما وشرعا الا بإحراز موافقته للمعارف الثابتة المعلومة من القران والسنة فيصبح
فهما علميا. التمييز بين الفهم الظني والفهم العلمي ضروري جدا في بناء المعرفة.
الظاهر الاصلي والباطن الفرعي
احيان يرد بان النص القرآني الواحد له ظاهر وباطن، وأحيانا
يرد ان له ظاهرا لغويا وباطنا شرعيا وأحيان يرد ان للنص معنيان شرعيان اصطلاحيان،
من الواضح ان تفسر الباطن والظاهر بهذا الشكل لا شاهد له ولا مصدق فهو ظن لا يمكن
اعتماده. وما له شاهد ومصدق ان الظاهر اي النص والباطن اي التفريع وهذا جزء ومصداق
من كلي التفريع للنص الشرعي فلا يختص بالقران، بل السنة ايضا كذلك والاحكام
الشرعية ايضا كذلك سواء كان التفرع بالأفراد او المصاديق، وكلها تنتج احكام وعلاقات
موضوعاتها او محمولاتها غير مذكور في النص اي هي ليست في ظاهر النص بل في باطنه.
النص القرآني نص تخاطبي والنص التخاطبي له معنى واحد. نعم
هناك معارف كثيرة ممكن ان تستفاد من النص الا انها ليست تخاطبية لا تفسيرية لان
التفسير نظام تخاطبي واما الاغراض التي تنسب لتفسير غير بيان المعنى وتوضيحه والاستفادات
الاخرى الغرضية فهي ليست تفاسير في الواقع وانما معارف اخرى لا تفسيرية.
ومن المهم التأكيد ان الكلمة التي تستعمل في النص الشرعي لا
بد ان يكون لها معنى واحد في الاستعمال الواحد، نعم مع تعدد الاستعمالات فلا باس
للتعدد مواضع الاستعمال يمكن ان تتعدد. ولذلك فالقول ان القران حمال وجوه لا وجه
له، وانما يكون التعبير حمال وجوه بحسب اللغة واما بحسب الخطاب فلا وجه الا وجه
واحد الا انه من هذا الوجه الظاهر يمكن تفريع معارف فرعية كثيرة هي الباطن. ومن
المفيد استعمال هذا الفهم في عموم الشريعة بان الظاهر الشرعي هو النص الاصلي والباطن
الشرعي هو ما بتفرع منه وما يستنبطه الفقهاء بالتفريع، فيكون الظاهر هو المعارف
الاصلية النصية، والباطن هو المعارف الشرعية الفرعية غير النصية.
التفسير بعلم والتفسير بالرأي
بسبب اختلاف المعنى
اللغوي عن المعنى الاصطلاحي فموارد التفسير الاصطلاحي في الشرع لا تفسر الا بالوحي
وبعضهم اسماها متشابها وليس صحيحا لما سياتي بيانه وهي قليلة نسبيا كما بينت وليست
بالكثرة التي دعت الى تأليف مجلدات من تفاسير نقلية مع ان التفسير النقلي اعم فان
منه ما يقرر المعنى العام اللغوي ، وان الافراط في التفسير النقلي ناتج عن امور هو
حب السنة و حاكمية السنة في الشرعية و تدعيم الفهم اللغوي بالسنة وايضا ناتج من رع
وتقوى العلماء والخوف من التحذير بالقول في القران بالرأي الا ان المبنى كان غير
صحيح بسب الخلط الحاصل بين ما يفسر بعلم سواء بعلم من اللغة او علم من الوحي وبين
التفسير بغير علم. فالتفسير بالرأي هو تفسير بلا علم اي تفسير غير مستند الى اللغة
في المفاهيم اللغوية وغير مستند الى الوحي في الموارد الشرعية الاصطلاحية، فالعلم
الشرعي منه ما يعتمد على اللغة ومن اصطلاحي فهكذا تفسير كله علم وليس التفسير بحسب
اللغة تفسير بالرأي كما يتصور البعض. هذا وان اللغة منقولة ايضا كما ان الوحي
منقول، كما ان اللغة وحي عام بالهام مقابل الوحي الخاص النبوي، ومن هنا فالتقسيم
الاصح هو التفسير بعلم ويشمل اللغة والوحي والتفسير بالرأي غير المستند الى العلم لا
من اللغة ولا من الوحي.
التفسير العام والتفسير الخاص
التفسير اما ان يكون بحاصل اللغة او بالوحي، وموارد هذه
الشكلين لا تتداخل، لان استعمالات الحقيقة الشرعية المستحدثة تختلف عن استعمالات الحقيقة
للغوية ولان الخطاب والتخاطب لا يقبل الا استعمالا واحدا، ومن هنا فلا بد ان يكون
للكلمة او التعبير معنى واحدا هو اما لغوي او وحيي ولا يمكن ان يكون له معنيان في
وقت واحد، بل لا يمكن ان يكون للتعبير الواحد أكثر من معنى سواء كانا لغويين او
وحيين ام اختلفا من هذه الجهة. ولا بد من
العلم في التفسير سواء كان في المعنى اللغوي او الوحي ولا يكتفى بالظن، اما المعنى
اللغوي فهو علمي عادة بسبب الوجدان اللغوي وهو عام للناس ومرتكز في الوجدان التخاطبي
العام، واما المعنى الوحيي فلا بد ان يثبت بالعلم بالرد والعرض المعرفي ولا يكتفي
بالظن وهو بالطبع خاص بنظام الشرع فهو من الوجدان الشرعي الخاص. ولان موارد
الاستحداث الوحيي (الشرعي) قليلة فان موارد التفسير الخاص الوحيي (النقلي) قليلة وأكثر
التفسير هو عام لغوي.
التفسير والتأويل والتقريب
مجال التفسير باللغة هو كل معنى او مفهوم ورد في القران ولم
يرد فيه اصطلاح شرعي، واما التفسير بالقران والسنة فهو كل معنى او مفهوم ورد فيه اصطلاح
شرعي والذي هو بيان من الوحي للمفهوم. ولذلك فالتفسير بالوحي هو بيان متعلق بما
بين بالوحي والحقيقة هذه هي التأويل حقيقة وهذا مختص بالمفاهيم الاختصاصية الشرعية
وتسمى (الحقيقة الشرعية) اما الحقيقة اللغوية فتفسر باللغة لا بالوحي ولو جاء
الوحي وتكلم عنها فهو تقرير. كما ان الوحي الذي يفسر القران لا بد ان يكون علما
ولا يكتفى بالظن. ومن هنا يكون مفيدا استعمال كلمة (التفسير) للإشارة الى عموم
البيان والتوضيح سواء كان شرحا وبيانا لغويا او شرحا وبيانا من الوحي واستعمال
كلمة (التأويل) للإشارة الى خصوص التفسير بالوحي، واما التفسير باللغة خاصة فاقترح
ان نصفه بكلمة (التقريب) لانه يقرب الاستعمالات غير المألوفة عند اهل العصر والتي
فيها غرابة معاصرة. ومن هنا فيكون الجامع التفسير ويكون هناك تفسير تقريبي بحسب ما
جاء في اللغة و تفسير تأويلي بحسب ما جاء بالوحي.
التفسير العلمي والتفسير الظني
التفسير لا بد ان يكون علما ولا وجه للظن، وتعدد التفسيرات والاحتمالات
لا وجه له، وقد فرط البعض بنقل الاقوال وتكثيرها رغم وضوح عدم الوجه اللغوي او
الشرعي لها وظهور ظنيتها البالغة. والعلم في التفسير له مصدران الاول اللغة، اي
الوجدان اللغوي فانه لا يتغير وانما يحصل ابتعاد ان استعمالات جزئية اما الوجدان
اللغوي فثابت. والمصدر الثاني هو الوحي اما قران او سنة، ويكون بالعلم من الثابت والدلالة
فلا عبرة بما يظن ثبوته ولا الدلالات الظنية.
الحاجة الى التفسير
التفسير لغة وعرفا وشرعا هو البيان والتوضيح، لكن آيات القرآن
بينة، نعم هي بينة في نفسها وبكونها نصا عربيا وشرعيا، لكنها من جهة المتلقي وبسبب
عوامل كثيرة اهمها الابتعاد عن الاستعمال اليومي للغة الاصلية احتاجت بعض الآيات
الى تفسير. فالحاجة الى التفسير مختص ببعض الآيات التي الان في عصرنا أصبح الانسان
العادي لا يألف طريقة التعبير القرآنية التي هي عربية ومبينة وفق العربية، فهي
غرابة جزئية في قبال الغرابة الاصلية التي تناولها القدماء. كما ان هناك مفاهيم
وحقائق شرعية فصلتها الشريعة يحتاج الى فقه ومعرفة فيها لفهم الآيات فهما صحيحا.
الجمعة، 27 مارس 2020
الشك المنطقي من علامات العقل السليم
ان اخطر ما يمكن ان يحصل للبشرية هو الادعاء
العلمي الكاذب لان العقل لا يسلّم ويذعن الا للعلم سواء علم واقعي او علم اصطلاحي. وسبب اذعان
العقل للعلم الاصطلاحي لانه يصدر من ذات الغايات المفترضة من صدق الاخبار وحب
الخير للذات و غريزة المعرفة، لكن التوجيهات الفكرية و التحيز والامراض القلبية قد
تؤثر على العلم الاصطلاحي. ودوما العقل يقارن ما يرى مع ما يعرف فان رأى قلة
انسجام شك وتردد، والشك والتردد المنطقي المبرر أي الذي له اسبابه اولى علامات سلامة
العقل وليس علامات المرض كما يصور البعض. والعقل السليم ليس لان هناك عقل غير سليم
وانما لان الانسان صاحب العقل قلل من المؤثرات التي تحجم من قدرة العقل وفاعليته و
تحرر من قيود التبعية الفكرية. فكلما كان الانسان واقعيا موضوعيا كان عقله سليما
وكان غير مذعن الا لمعارف متناسقة و كلما كان الانسان تبعيا ومتحيزا كان عقله غير
سليم وكان مذعان لاصطلاحات لا تتناسب مع الواقع العلمي. ان ادراك الفرق بين الواقع
العلمي وما يكتب و ينسب الى العلم في الكتب والاصطلاحات امر مهم جدا لتحصين المعرفة.
العلم الواقعي والعلم الاصطلاحي
يعتقد البعض ان العلم هو مصطلحات وتعاريف و مسائل
في الكتب، وهذا خطأ بل العلم معارف موجود في الواقع بتشكلات واضحة والبشرية تحاول
تدوينها ووصفها لكن منها ما هو مدون ومسمى، و تلك الحقائق الواقعية ليس فيها تزييف
وانما التزييف ياتي من الكتب الاصطلاحية، فالواقع اصدق من الكتب، والحقيقة في
الوجدان اقوى من حقيقة الاصطلاحية. العلم هو حقيقة وصدق ووجدان و ليس كتبا واصطلاحات
فقط. لذلك فالايمان بالعقل من دون نص امر واقعي حقيقي وانما ياتي النص ليؤطر
الايمان و يعطيه شكلا اصطلاحيا ، فاحيانا يكون هناك ايمان بالحقيقة من دون تسمية
لها و احيان يكون ايمان مع تسمية واصطلاح.
ويمكن تزييف العلم بالاصطلاح بالكذب او التوهم ومهما
حاول التعليم الباطل تزييف العلم والحقيقة فان العقل والوجدان والواقع اسلحة محصنة
للانسان فلا خوف عليه بشرط التحرر من التحيز الفكري. ان وظيفة التعليم هو الاشارة
الى الحقيقة العلمية ووصفها لان الحقيقة العلمية في الخارج وليس في الكتاب ولا في
المصطلح، ومن هنا فيجب التمييز بين العلم الواقعي والعلم الاصطلاحي، وكلها قابلة
للخطأ الا ان الخطأ في الاخير اكثر لذلك يكون من المهم التأكد من صحة الادعاء
العلمي.
العقل و الايمان
من الصفات المهمة للعقل انه يدرك الحقائق قبل
تسميتها و اعطائها معنى أي قبل انتزاعها من الخارج، فيدركها العقل وهي في الخارج
لذلك فالعقل يدرك من العلم اكثر مما يميزه الانسان انه علم، بمعنى ان العقل يدرك
العلم والحقيقة العلمية قبل ان توصف بانها علم بل حتى لو لم يلتفت اليها، فالعقل
لا يخضع للتواضع والاصطلاح وهذا مهم جدا و يعطي العقل مساحة من الحرية ولذلك هو دوما
يسبق المتعارف و المعهود و المتوافق عليه بين المجموعة. كما ان العقل له قدرة
تميزية بالرد و يدرك التناقض وعدم الانسجام والعقل لا يقر للمعارف غير المنسجمة
الا بقوة قاهرة هي التوجيه والتحيز الفكري.
ان كل ما يدركه الانسان بشكل واع او غير واع، بشكل تمييزي بالتسمية او من دون تمييز او تسمية
فان العقل يدركه كما ان العقل يدرك امورا الانسان لا يلتفت اليها، ومن هنا فان علم الانسان علما لا يعلم انه يعلمه امر حتمى.
ومن هنا فحينما تكون هناك دعوى فان الانسان يشعر في عمقه – وبسبب الوعي واللاوعي-
ان تلك الدعوة منسجمة او غير منسجمة مع ما يعرف. كما ان العقل احيانا كثير ما يدرك
معارف علمية غير مسماة في اطرافها الا انه واثق منها فهو لا يشك في طبيعة الاطراف
والعلاقة لكنه لا يعرف اسمائها، ومن هذه المعارف العميقة للعقل هو وجود الخالق
للكون وصدق الرسالات و صدق الكتب السماوية، هذه كلها يدركها العقل وبقوة الا ان الانكار يأتي بسبب توجيهات فكرية
متحيزة سببها عدم الاقرار الاصطلاحي. ومن هنا يتبين الاثر العكسي التخريبي للمصطلح
و العرف على العلم.
تبعية العقل لعلم
المعرفة منها ما هو حق وصدق ومنها ما هو باطل
وكذب و تسمى معرفة من باب المشاكلة و ليس الحقيقة. وهذا كله صفة للمعرفة العلمية
بالاساس، فاصل المعرفة لا تكون الا علما و لذلك فهناك معارف تدعى وتوصف بالعلم الا
انها ليست علما وحينما توصف بالعلم يقوم العقل بالتحليل والاستنتاج على انها علم
وهنا تتبين نقطة ضعف العقل ورغم تبعية
العقل هذه الا انه دقيق في الالتفات الى درجة علمية المعرفة، العقل يمكنه اجراء
تحليله على كل معرفة سواء كانت صادقة او كاذبة، الا ان الحكم عليها يتبع درجة
علميتها، ونفس التحليلية ودرجة التحليل هو نفسه يجريه العقل على المعارف باختلافها،
لذلك فاذا حكم على علمية معرفة فان العقل يحلل و يحكم على ان تلك الفرعيات هي علم.
واذا حكم على لا علمية معرفة فان العقل ايضا يحلل و يرفع الا انه يحكم على التحليل
و الفرع انها ليست علما. وهكذا اذا كان العلم قطعا او يقينا فان الفروع العقلية
تكون قطعية و يقينية بحسب اصولها. وهنا
تكمن خطورة العلم. العلم اخطر من العقل باضعاف المرات.
واقعية الصفات الالهية مع غيبية المعنى
قد بينت ان الخبر السماوي لا يمكن ان يخالف الواقع الا انه قد يستعمل
الالفاظ في معان لا نعرفها بسبب جهلنا باحد اطراف العلاقة، فمثلا لو استعمل الخبر
السماوي كلمة ( رحيم) في الله تعالى ونحن نجهل الذات الالهية فحينها تكون لدينا
علاقة من اطراف بعضها مجهول اذن سيكون هنا جهل في المعنى ، الا انه لا بد ان يكون
الاستعمال واقعيا والا كان غير صحيح ، اذن فالواقع هو ادراكنا لجزء من المعرفة وهي
الاثر قفان صفة الفعل له اثر وهذا الاثر لا يتاثر بالعلاقة ، فنعلم بذلك ان فعل
الله المجهول عندنا و رحمته المجهولة لها اثر في المرحوم هي مثل اثر الرحمة عندنا
فرحمته ليست كرحمتنا في الحقيقة الا ان لها اثر كاثر رحمتنا وهذا ليس تشبيها لانه
لا علاقة لها لا بذات الله ولا بفلعه وانما باثره، كما ان هذا الاثر لا بد ان يكون
بمنتهى الكمال والحكمة. وبهذا يظهر واقعية وحقيقية الصفات في النص الشرعي مع جهلنا
بحقيقهتا و بحقيقة فاعلها.
المعرفة الخبرية السماوية
لا بد من صدق المعرفة لتكون علما حقا سواء كانت معاينية او خبرية،
والمعرفة المعاينية تنقسم الى قسمين غيبي وحضوري و لا ينبغي ان يكون لغيبية الشيء
اثر في اعتباره فان من الغيبي ما هو اقوى تاثيرا في الواقع. ويلحظ درجة العلم
بمقدار الاحاطة فالعلم الافضل هو مع الاكثر احاطة، والتفصيلية مهمة في الحقيقة
العلمية، ولذلك كلما اتجهنا نحو التفصيل قلة قدرة المدعين للحقيقة على تشخيصها،
ومن هنا فالصدق الحقيق هو الصدق العلمي و ليس الخبري، ومن اصدق مصادر العلم العلمي
هو الخبر الالهي وهو الوحي وهو ما نقله النبي صلى اله عليه واله الى الناس، لان
مصدره هو المحيط الحقيقي بالاشياء فاذا ثبت هذا الخبر فهو الحقيقة المقدمة على كل
حقيقة. ومن ثم الحقيقة المعاينية ومن ثم الحقيقة الخبرية غير السماوية. أي الارضية.
وبملاحظة اقسام مصادر المعرفة يمكن القول ان هناك معرفة معاينية غيبية او حضورية
ومعرفة خبرية سماوية ومعرفة خبرية ارضية. والمعرفة الخبرية السماوية هي اصدق
المعارف. ان اكثر شيء اضر بالبشرية هو التساهل في تصنيف المعارف و نسبتها الى
العلم والصحيح هو عدم القبول بالظن مطلقا مهما كان شكله. وان المعرفة الخبرية
السماوية لا يمكنها ان تخالف الواقع لانها لا تتحدث عن واقع اخر بل هي تتحدث عن
نفس الواقع لذلك فهي تتحدث عن نفس المنطقية ، وانما الفرق ان الخبر السماوي محيط
تماما بالواقع ونحن نعلم جزءه الا ان ما نعلمه من الواقع قطعا وصدقا لا بد ان
يتوافق مع خبر السماء. فخبر السماء لا يمكن ان يخالف الواقع لكنه وبسبب الاحاطة قد
يبين معارف غيبية او تفاصيل نحن لا ندركها او ان يشير الى اشياء نحن لا نعرف كنهها،
وقد يستعمل الخبر السماوي الفاظا لمعان نحن لا نعرفها لاجل جهلنا باحد الطرفين في
العلاقة وانما نعرف فقط الاسم وهذا الاستعمال ينبغي ان يكون واقعيا والواقعية اما حسية
او اثرية فيحمل ذلك الاستعمال على الاثر واما كيفية التاثير فيحتاج الى خبر سماوي.
المعرفة الخبرية السماوية
لا بد من صدق المعرفة لتكون علما حقا سواء كانت معاينية او خبرية،
والمعرفة المعاينية تنقسم الى قسمين غيبي وحضوري و لا ينبغي ان يكون لغيبية الشيء
اثر في اعتباره فان من الغيبي ما هو اقوى تاثيرا في الواقع. ويلحظ درجة العلم
بمقدار الاحاطة فالعلم الافضل هو مع الاكثر احاطة، والتفصيلية مهمة في الحقيقة
العلمية، ولذلك كلما اتجهنا نحو التفصيل قلة قدرة المدعين للحقيقة على تشخيصها،
ومن هنا فالصدق الحقيق هو الصدق العلمي و ليس الخبري، ومن اصدق مصادر العلم العلمي
هو الخبر الالهي وهو الوحي وهو ما نقله النبي صلى اله عليه واله الى الناس، لان
مصدره هو المحيط الحقيقي بالاشياء فاذا ثبت هذا الخبر فهو الحقيقة المقدمة على كل
حقيقة. ومن ثم الحقيقة المعاينية ومن ثم الحقيقة الخبرية غير السماوية. أي الارضية.
وبملاحظة اقسام مصادر المعرفة يمكن القول ان هناك معرفة معاينية غيبية او حضورية
ومعرفة خبرية سماوية ومعرفة خبرية ارضية. والمعرفة الخبرية السماوية هي اصدق
المعارف. ان اكثر شيء اضر بالبشرية هو التساهل في تصنيف المعارف و نسبتها الى
العلم والصحيح هو عدم القبول بالظن مطلقا مهما كان شكله. وان المعرفة الخبرية
السماوية لا يمكنها ان تخالف الواقع لانها لا تتحدث عن واقع اخر بل هي تتحدث عن
نفس الواقع لذلك فهي تتحدث عن نفس المنطقية ، وانما الفرق ان الخبر السماوي محيط
تماما بالواقع ونحن نعلم جزءه الا ان ما نعلمه من الواقع قطعا وصدقا لا بد ان
يتوافق مع خبر السماء.
المنطقية الخبرية المدعاة والاعتصام المعرفي الشرعي
قد بنيت ان اهم اسباب الاذعان العقلي للمعارف المدركة هو ان تكون
بمنطقية مقبولة عنده، وتبك المنطقية كما هي في المعاينة فانها ايضا في الخبر،
ويحصل احيانا خلل خبري – وهو اعم من تعمد وعدم التعمد- ولاجل اذعان العقل الناقل او
لاجل بلوغ اذعان المنقول اليه فانه يعمد الى اظهار الخبر يمنطقية خبرية والمنطقية
الخبرية اما وجدانية او اصطلاحية ، والغالب في مجال الشرعية مراعاة المنطقية
الاصطلاحية ومنها مثلا وضع اسانيد صحيحة لخبر موضوع، فان هذا من المنطقية
الاصطلاحية للخبر، وفي الغالب لا يراعى المنطقية الوجدانية- الواقعية- ولذلك هكذا
اخبار تكشف لكن احيانا يلتفت الى المنطقية الواقعية والوجدانية وهذا علاجه هو
الاعتصام بالثوابت والاصل والاسس الشرعية أي الرد الى القران والسنة والاخذ بما
وافقهما و ترك ما خالفهما. وهنا بيان معرفي بان صحة السند ليست كافية لاعتصام
المعرفة وان الاعتصام هو بالرد الى المعارف الثابتة.
مصادر العلم
العلم معرفة واقعية يدركها الانسان بعقله، والعقل ليس له قدرة على
انتاج مثل هذه المعارف الواقعية، فالعلم هو الواقع، وطريقة ادراك الانسان للواقع
بطريقتين متميزتين الاولى هي الادراك المباشر و الثاني هي الادراك غير المباشر،
الادراك غير المباشر هو الخبر ويسمى عادة النقل و الصحيح انه الخبر لان النقل هو
وساطة لنقل الخبر و ليس هو الخبر، فالنقل وسيلة توصيل الخبر والمصدر هو الخبر وهو
الدليل عليها و التمييز بين الخبر و النقل في غاية الاهمية في المعرفة البشرية. و
المصدر الاول والاهم هو الادراك المباشر وهو المعاينة أي الادراك الذي يكون بواسطة
ادوات الادراك البشرية المباشرة سواء ادراكا حسيا او اثريا، وهذا يعني ان ادراك وجود
المؤثر بالاثر هو ادراك معايني اصلي و ليس فرعي. وهذا الادراك الاثري واقع على
الخارج بشكل مباشر من دون فصل وغياب بعض الاطراف عن الحس لا يعني انه ادراك فرعي
فنحن ندرك الروح في الحي و العقل في المفكر وهذه ادراكات اصلية معاينية اثرية. اذن
فمصادر العلم اما خبرية او معاينية و المعاينية تسمى احيانا بالعقلية وهذا خطا
ناتج عن مقابلة النص الشرعي بالعقلي وكله تشوشي وانما هناك معاينة وخبر اي علم
معاينة وعلم خبر ولا دخل للعقل فيهما. وكلا المعاينة و الخبر يمكن ان يخالف الواقع
فيعطي تصورا خاطئا عن الواقع قد يدعى ما هو ليس بعلم علما، وانكشاف لاعلمية أي منهما
سريع وسهل الا ان هناك غايات و اغراض و تدخلات تحجم حرية العقل و قدرته التحليلية،
والا فانه كما ان الواقع المعايني بين فان الواقع الخبري بين، لان الاساس فيهما
واحد وهو المنطقية فكما ان هناك منطقية معاينية فهناك منطقية خبرية، الفرق ان
التلاعب بالمعاينة صعب بينما التلاعب بالخبر ممكن جدا. ولذلك فالمدعي يلجأ الى اعطاء اعتبارات غير
واقعية عن المعايني وهي معارف فرعية انتزاعية و اعطاء اخبار كاذبة، أي الادعاء
المعاني يكون غالبا بتغيير صورته الانتزاعية و الادعاء الخبرية يكون غالبا بالكذب.
تاثير الادعاء الاعتباري يكون بحصول تحيز فكري في التعامل فتحمل الوجودات
والعلامات على غير معانيها فان من احد اهم الابعاد الفكرية للواقع هو المعنى و
الاعتبار. وفي الحقيقة من اهم اسباب التوهم هو المنطقية المدعاة سواء من جهة الخبر
او جهة المعاينة، وهذا ما يقع فيه الاكثر، وعلاج المنطقية الكذابة سواء المعاينية
او الخبرية هو دوام اللجوء و الاحتكام والركون الى الاسس المعلومة قطعا صدقها فان
الرجوع اليها ورد المعارف اليها هو احد اهم اسباب عصمة المعرفة.
الأربعاء، 25 مارس 2020
آلية عرض المضامين على المعارف الشرعية الثابتة
حينما يبلغ الانسان حديث اي مضمون فان هذا المضمون له معنى
حكمي (علاقة) تختص بالموضوع والمحمول، ويلاحظ فيه ثلاثة أطراف المحمول والموضوع والنسبة،
وكل واحد من هذه الاطراف سواء كان مفردا ام مركبا فان له دائرة معنى في المعارف
الثابتة تكون حاله في هذه العلاقة معروضة عليها. طبعا هنا يعامل النص الشرعي من
حيث المصدر معاملة واحدة باعتبار وحدة المصدر، فيكون النظر الى المتن بشكل خاص،
نعم إذا كان في المتن اخبار عن حالة تتعلق بالقائل من الاولياء صلوات الله عليهم
فانه ايضا هذا يكون موضوعا للرد.
ان العقل البشري كفوء جدا في الرد المعرفي ككفاءته في تحصيل
المعنى من النص، رغم تعدد جوانب الملاحظة والمعاني التي تحضر عند الرد، وغالبا ما
يحصل الرد مباشرة عند تلقي المعنى فيكون هناك قبول او ارتياب او عدم تبين الحال.
وهذا يعود لسببين اولا كفاءة العقل في الرد وثانيا رسوخ المعارف الثابتة بخصوص
المعارف وخصوصا المعارف الدينية.
بعد سلامة التركيب ووضح المعنى وتحصيله بطريقة عرفية عقلانية
واضحة تحصل عملية الرد والتي قد تحصل مبشرة ولو تعمد الانسان ورسخ فكرة الرد في
نفسه فان الرد المعرفي سيكون مقترنا بالفهم وسيكون جزء من عملية تقبل المعرفة
المحمولة بالنص.
ولا ريب ان هذه ممارسة عقلية فيختلف فيها المبتدئ عن
المتمرس وكلما كثرة الممارسة صار الانسان أكثر تمرسا بالرد حتى يصال الى قدرة
عالية من الرد لا تتخلف الا قليلا. التخلف الردي يحتاج الى تحليل ومراجعة وهو شيء
وارد حتى عند أكثر المتمرسين بالرد. وعلى كل حال الرد عملية عفوية عرفية عقلائية
بسيطة الا انه احيانا يلتفت اليها وتعتبر واحيانا لا يلتفت اليها. منهج العرض وتقييم
النصوص بالعرض يعني الالتفات الى عملية الرد وليس القيام بها في الواقع.
وكبيان شارح لما هو عفوي وجداني فان العقل يدرك ويلاحظ ما
لديه من معارف بخصوص العلاقة بين الاطراف في النص الذي بلغه سمعا او قراءة وهو
النص المعروض اي المعرفة المعروضة، فهو نص متلقى ومعرفة متلقاة ونص معروض ومعرفة
معروضة. وبتعبير معهود هو ما بلغ القارئ او السامع من حديث، فهو حديث مقروء او
حديث مسموع او حديث معروض وهو الحديث الذي بلغ القارئ او المستمع.
قد بينت في منسابات كثيرة ان العرض يكون للمعرفة الظنية،
وهنا امران الاول الظنية للكلام المنقول لها جهتان الاول ظنية النقل وظنية الدلالة،
اما ظنية النقل فهي مختصة بالحديث ظني الصدور واما آيات القران والسنة المتفق
عليها فليست موضوعا للعرض بل هي ما يعرض عليه. والغرض هنا اخراج الحديث الظني الى
حالة العلم فيصبح حديثا معلوما بالتصديق والشواهد.
واما من جهة الفهم فالمعروض ايضا الفهم الظني، فالفهم فهمان
فهم قطعي متفق عليه بين المسلمين له أصل عرفي وعقلائي ومعرفي وفهم لا يتصف بذلك،
الفهم المتفق عليه لا يعرض بل هو ما يعرض عليه هو المعرفة المعروض عليها غيرها،
وانما العرض للفهم الظني. وهذا الفهم الظني قد يكون لنص قطعي كآية او حديث ثابت او
لنص ظني كحديث ظني الصدور.
والحديث هنا عن الحديث اي المضمون الظني صدورا، واما باقي
الاقسام فلها مواضع اخرنا. حينما يبلغنا مضمون ظني الصدور، فإننا واثناء بناء
الكلام واستفادة المعنى يحصل استحضار للمعنى و علاقاته و دوائره بشكل اجمالي و لما
هو راسخ منه، ومباشرة بعد اكتمال المعنى و تمام عملية الفهم يحصل رد ’لي الى ما هو
معلوم عنه، اي عن العلاقة ، اي عن اطرافها من موضوع ومحمول وما يتعلق بذلك و يتفرع
منه من صفات او شروط او قيود نحو ذلك من اغراض و اساليب، و في الشريعة يستحضر
معرفتان مهمتان في الاعتقادات و الاعمال، فإما في الاعتقادات فيستحضر غيبية
المعرفة او ظاهريتها و في الاعمال يستحضر لزوم المعرفة ام عدم لزومها.
حينما يبلغ العقل مضمون معين فانه يعرضه على ما يعرف، فان وجد
له شاهدا ومصدقا من المعارف التي عنده سابقا فانه يقر ويذعن بالنقل والظاهر والا
توقف او رفض المضمون. ان الاصل في النقل عند العقل هو الظن مهما كان حال النقل الا
ان يبلغ درجة الاستقلال بحيث يتحقق علم اكيد نقلي والا فان الاصل في النقل الظن، فان
وجد شاهدا ومصدقا صار علما واقر والا بقي ظنا. واما إذا وجد قرينة خلاف النقل فانه
يصبح شكل وإذا ثبت عدم الصدور حكم بانه كذب، فالكذب لا بد فيه من علم ولا يكفي
الظن. فالحديث اما ان يعلم انه صدق او يعلم انه كذب او يبقى ظنا سواء مشكوكا الصدق
او مشكوك الكذب. الشاهد والمصدق المتني المعرفي هو الذي يجعل الحديث معلوم الصدق
وهو المضمون الصحيح وحديثه الحديث الصحيح، واما غير ذلك فهو مضمون معتل وحديثه
حديث معتل.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)